أخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :"كان اليهود يجتمعون على عيسى عليه السلام ويستهزءون به ويقولون له : يا عيسى ما أكل فلان البارحة وما ادخر في بيته لغد ؟ ا فيخبرهم ويسخرون منه حتى طال ذلك به وبهم وكان عيسى عليه السلام ليس له قرار ولا موضع يعرف إنما هو سائح في الأرض فمر ذات يوم بامرأة قاعدة عند قبر وهي تبكي فسألها فقالت : ماتت ابنة لي لم يكن لي ولد غيرها فصلى عيسى ركعتين ثم نادى يا فلانة قومي بإذن الرحمن فاخرجي فتحرك القبر ثم نادى الثانية فانصدع القبر. ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب فقالت : يا أماه ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين ؟ يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا يا روح الله سل ربي أن يردني إلى الآخرة وأن يهون عليَّ كرب الموت فدعا ربه فقبضها إليه فاستوت عليها الأرض فبلغ ذلك اليهود فازدادوا عليه غضباً" وروي عن مجاهد أنهم أرادوا قتله ولذلك استنصر قومه، ومن لابتداء الغاية متعلق بأحس أي ابتدأ الإحساس من جهتهم ؛ وجوز أبو البقاء أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من الكفر أي لما أحس الكفر حال كونه صادراً منهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٤٧ ـ ١٧٥﴾
فصل
قال ابن عادل :
الإحساس : الإدراك ببعص الحواسّ الخمس وهي الذوق والشمُّ واللمس والسمع والبصر - يقال : أحسَسْتُ بالشيء وبالشيء وحَسَسْتُه وحَسَسْتُ به، ويقال : حَسَيْت - بإبدال سينه الثانية ياءً - وأحست بحذف أول سِينيه-.
قال الشاعر :[ الوافر ]
سِوَى أنَّ الْعِتَاقَ مِنَ الْمَطَايَا... أحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إلَيْهِ شُوسُ
قال سيبويه : ومما شَذَّ من المضاعف - يعني في الحَذْف - فشبيه بباب أقمت، وليس وذلك قولهم أَحَسْتُ وأَحَسْنَ - يريدون : أحسست وأحسَسْنَ، وكذلك تفعل به في كل بناء يبنى الفعل فيه ولا تصل إليه الحركة، فإذا قلت : لم أحس، لم تحذف.