وعن ابن حنبل أنه كان يوصى بعض أصحابه فقال خف سطوة العدر وارج رقة الفضل ولا تأمن من مكره تعالى ولو أدخلك الجنة ففى الجنة وقع لأبيك آدم ما وقع. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٢ صـ ٥٠ ـ ٥١﴾
لطيفة
قال الماوردى :
والفرق بين المكر والحيلة أن الحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من غير قصد إلى الإضرار، والمكر : التوصل إلى إيقاع المكروه به. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٩٦﴾
لطيفة
قال ابن عجيبة :
قيل للجنيد رضي الله عنه : كيف رَضِيَ المكرَ لنفسه، وقد عابه على غيره ؟ قال : لا أدري، ولكن أنشدني فلان للطبرانية :
فديتُك قد جُبِلْتُ على هواكَ... ونفْسِي ما تَحِنُّ إلى سِوَاكَ
; أُحِبّك، لا بِبَعْضِي بل بكُلِّي... وإن يُبْقِ حُبُّكَ لي حِرَاكَا
وَيَقْبُحُ مِنْ سِوَاكَ الْفِعْلُ عِنْدي... وتَفْعَلُهُ فَيَحْسُنُ مِنْكَ ذَاكَ
فقال له السائل : أسألُك عن القرآن، وتجيبني بشعر الطبرانية ؟ قال : ويحك، قد أجبتك إن كنت تعقل. إنَّ تخليته إياهم مع المكرية، مكرٌ منه بهم. ه.
قلت : وجه الشاهد في قوله :( وتفعله فيحسن منك ذاك )، ومضمن جوابه : أن فعل الله كله حسن في غاية الإتقان، لا عيب فيه ولا نقصان، كما قال صاحب العينية :
وَكلُّ قبِيح إنْ نَسَبْتَ لِحُسْنِهِ... أَتَتْكَ مَعَانِي الْحُسْنِ فِيهِ تُسَارعُ
يُكَمِّلُ نُقصَانَ الْقَبِيحِ جَمَالُهُ... فَما ثَمَّ نُقْصَانٌ وَلاَ ثَمَّ بَاشِعُ
وتخليته تعالى إياهم مع المكر، تسبب عنه الرفع إلى السماء، وإبقاء عيسى حيّاً إلى آخر الزمان، حتى ينزل خليفة عن نبينا - عليه الصلاة والسلام -، فكان ذلك في غاية الكمال والإتقان، لكن لا يفطن لهذا إلا أهل العرفان. أ هـ ﴿البحر المديد حـ ١ صـ ٢٨٢ ـ ٢٨٣﴾