قال القفال : لها أسماء كثيرة، مكة، وبكة، وأمّ رُحْم، - بضم الراء وإسكان الحاء - قال مجاهد : لأن الناس يتراحمون فيها، ويتوادَعُون - والباسَّة ؛ قال الماوَرْدِي : لأنها تبس من الْحَد فيها، أي : تُحَطِّمه وتُهْلكه، قال تعالى :﴿وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً﴾ [ الواقعة : ٥ ].
ويروى : الناسَّة - بالنون - قال صاحبُ المطالع : ويقال : الناسَّة - بالنون-. قال الماوَرْدِيُّ : لأنها تنس من ألحد فيها - أي : تطرده وتَنْفِيه.
ونقل الجوهري - عن الأصمعي- : النَّسّ : اليبس، يُقال : جاءنا بخُبْزَة ناسَّة، ومنه قيل لمكةَ : الناسَّة ؛ لقلة مائها.
والرأس، والعرش، والقادس، والمقدَّسة - من التقديس - وصَلاَحِ - بفتح الصاد وكسر الحاء - مبنيًّا على الكسر كقَطَامِ وحَذَامِ، والبلد، والحاطمة ؛ لأنها تحطم من استخَفَّ بها، وأم القرى ؛ لأنها أصل كل بلدة، ومنها دحيت الأرض، ولهذا المعنى تُزَار من جميع نواحي الأرض.
قوله :﴿مُبَارَكاً وَهُدًى﴾ حالان، إما من الضمير في " وُضِعَ " كذا أعربه أبو البقاء وغيره، وفيه نظر ؛ من حيث إنه يلزم الفصل بين الال بأجنبيّ - وهو خبر " إنَّ " - وذلك غير جائز ؛ لأن الخبر معمول ل " إنَّ " فإن أضمرت عاملاً بعد الخبر أمكن أن يعمل في الحال، وكان تقديره : أول بيت وُضِعَ للناس للذي ببكة وُضِعَ مباركاً، والذي حمل على ذلك ما يُعْطيه تفسير أمير المؤمنين من أنه وُضِعَ أولاً بقيد هذه الحال.
وإما أن يكون العاملُ في الحال هو العامل في " بِبَكَّةَ " أي استقر ببكة في حال بركته، وهو وجه ظاهر الجواز. والظاهر أن قوله :" وَهُدًى " معطوف على " مُبَارَكاً " والمعطوف على الحال حال.
وجوز بعضهم أن يكونَ مرفوعاً، على أنه خبر مبتدأ محذوف - أي : وهو هدى - ولا حاجة إلى تكلف هذا الإضمار.


الصفحة التالية
Icon