قال أبو حيان :" وليس بواضح ؛ لأن تقديره - وأمنَ الداخل - هو مرفوع، عطفاً على " مَقَام إبراهيم " وفسر بهما الآيات، والجملة من قوله :﴿وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾ لا موضع لها من الإعراب، فتدافعا، إلا إن اعتقد أن ذلك معطوف على محذوف، يدل عليه ما بعده، فيمكن التوجيه، فلا يجعل قوله :﴿وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾ في معنى : وأمن داخله، إلا من حيث تفسير المعنى، لا تفسير الإعراب ".
قال شهاب الدين :" وهي مُشَاحَّةٌ لا طائلَ تحتَها، ولا تدافع فيما ذكر ؛ لأن الجملة متى كانت في تأويل المفرد صح عطفُها عليه ".
الوجه الثالث : قال المبرد :" مَقَامُ " مصدر، فلم يُجْمَع، كما قال :﴿خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ﴾ [ البقرة : ٧ ] والمراد : مقامات إبراهيم، وهي ما أقامه إبراهيم من أمور الحج، وأعمال المناسك، ولا شك أنها كثيرة، وعلى هذا، فالمراد بالآيات : شعائر الحج، كما قال تعالى :﴿وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله﴾ [ الحج : ٣٢ ].
الوجه الرابع : أن قوله :﴿مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ خبر مبتدأ مضمر، تقديره : أحدها، أي : أحد تلك الآيات البينات مقام إبراهيم، أو مبتدأ محذوف الخبر، تقديره : منها، أي : من الآيات البيِّنات " مقام إبراهيم ".
وقال بعضهم :﴿مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ لا تعلُّقَ له بقوله :﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾، فكأنه - تعالى - قال :﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾ ومع ذلك فهو ﴿مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ ومَقَرُّه، والموضع الذي اختاره، وعَبَدَ الله فيه ؛ لأن كل ذلك من الخِلال التي بها تَشَرَّف وتَعَظَّم.