وكما جاز خروج الصبيّ من قوله :﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت﴾ [ آل عمران : ٩٧ ] وهو من الناس بدليل رفع القلم عنه.
وخرجت المرأة من قوله :﴿ياأيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ﴾ وهي ممّن شَمِله اسم الإيمان، وكذلك خروج العبد من الخطاب المذكور.
وهو قول فقهاء الحجاز والعراق والشام والمغرب، ومثلهم لا يجوز عليهم تحريف تأويل الكتاب.
فإن قيل : إذا كان حاضَر المسجد الحرام وأذِن له سيدُه فلِمَ لا يلزمه الحج ؟ قيل له : هذا سؤال على الإجماع وربما لا يُعلّل ذلك، ولكن إذا ثبت هذا الحكم على الإجماع استدللنا به على أنه لا يُعتدّ بحجّه في حال الرِّقّ عن حجة الإسلام ؛ وقد روي عن ابن عباس عن النبيّ ﷺ أنه قال :" أيّما صبيّ حجّ ثم أدرك فعليه أن يحج حجة أُخرى وأيّما أعرابيّ حجّ ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى " قال ابن العربيّ.
"وقد تساهل بعض علمائنا فقال : إنما لم يثبت الحج على العبد وإن إذِن له السيد لأنه كان كافراً في الأصل ولم يكن حَجُّ الكافر معتدّاً به، فلما ضُرب عليه الرقّ ضرباً مؤبَّداً لم يخاطب بالحج ؛ وهذا فاسد من ثلاثة أوجه فاعلموه : أحدها أن الكفار عندنا مُخاطبون بفروع الشريعة، ولا خلاف فيه في قول مالك.
الثاني أن سائر العبادات تلزمه من صلاة وصوم مع كونه رقيقاً، ولو فعلها في حال كفره لم يعتدّ بها، فوجب أن يكون الحج مثلها.
الثالث أن الكفر قد ارتفع بالإسلام فوجب ارتفاع حكمه.
فتبين أن المعتمد ما ذكرناه من تقدّم حقوق السيد". والله الموفق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٤٥ ـ ١٤٦﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon