وقوله :﴿وَمَن كَفَرَ﴾ يجوز أن تكون الشرطية - وهو الظاهر - ويجوز أن تكون الموصولة، ودخلت الفاء ؛ شبهاً للموصول باسم الشرط كما تقدم، ولا يخفى حال الجملتين بعدها بالاعتبارين المذكورين، ولا بد من رابط بين الشرط وجزائه، أو المبتدأ وخبره، ومن جوَّز إقامة الظاهر مقام المضمر اكتفى بذلك في قوله :﴿غَنِيٌّ عَنِ العالمين﴾ كأنه قال : غني عنهم. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٤١٨﴾
فصل
قال ابن كثير :
وقوله :﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا﴾ هذه آية وُجُوب الحج عند الجمهور. وقيل : بل هي قوله :﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة : ١٩٦] والأول أظهر.
وقد وَرَدَت الأحاديثُ المتعددة بأنه أحدُ أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا، وإنما يجب على المكلَّف في العُمْر مَرّة واحدة بالنص والإجماع.
قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الربيع بن مسلم القُرَشيّ، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله ﷺ فقال :" أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ فَحُجُّوا". فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا. فقال رسول الله ﷺ :"لَوْ قُلْتُ : نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ". ثم قال :"ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وإذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ". ورواه مسلم، عن زُهَير بن حرب، عن يزيد بن هارون، به نحوه. ﴿المسند (٢/٥٠٨) وصحيح مسلم برقم (١٣٣٧)﴾.