وقال ابن عطية :
وقوله تعالى :﴿ ولقد عفا عنكم ﴾ إعلام بأن الذنب كان يستحق أكثر مما نزل، وهذا تحذير، والمعنى " ولقد عفا عنكم " بأن لم يستأصلوكم، فهو بمنزلة : ولقد أبقى عليكم، ويحتمل أن يكون إخباراً بأنه عفا عن ذنوبهم في قصة أحد، فيكون بمنزلة العفو المذكور بعد، وبالتفسير الأول قال ابن جريج وابن إسحاق وجماعة من المفسرين، وقال الحسن بن أبي الحسن : قتل منهم سبعون، وقتل عم النبي عليه السلام وشج في وجهه وكسرت رباعيته وإنما العفو أن لم يستأصلهم، هؤلاء مع رسول الله ﷺ وفي سبيل الله غضاب لله، يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شيء فضيعوه، فوالله ما تركوا حتى غموا بهذا الغم، فأفسق الفاسقين اليوم يجترم كل كبيرة، ويركب كل داهية، ويسحب عليها ثيابه، ويزعم أن لا بأس عليه فسوف يعلم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٥٢٥﴾
قوله تعالى :﴿والله ذُو فَضْلٍ عَلَى المؤمنين﴾
قال الفخر :
﴿والله ذُو فَضْلٍ عَلَى المؤمنين﴾ وهو راجع إلى ما تقدم من ذكر نعمه سبحانه وتعالى بالنصر أولا، ثم بالعفو عن المذنبين ثانياً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٣٢﴾
وقال الآلوسى :
﴿ والله ذُو فَضْلٍ عَلَى المؤمنين ﴾ تذييل مقرر لمضمون ما قبله وفيه إيذان بأن ذلك العفو ولو كان بعد التوبة بطريق التفضل لا الوجوب أي شأنه أن يتفضل عليهم بالعفو أو في جميع الأحوال أديل لهم أو أديل عليهم إذ الابتلاء أيضاً رحمة، والتنوين للتفخيم، والمراد بالمؤمنين إما المخاطبون، والإظهار في مقام الإضمار للتشريف والإشعار بعلة الحكم، وإما الجنس ويدخلون فيه دخولاً أولياً ولعل التعميم هنا وفيما قبله أولى من التخصيص، وتخصيص الفضل بالعفو أولى من تخصيصه بعدم الاستئصال كما زعمه البعض. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٩٠﴾


الصفحة التالية
Icon