قوله :﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ ﴾ عطفٌ على ما قبله، والجملتان من قوله :﴿ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخرة ﴾ اعتراض بين المتعاطفين، وقال أبو البقاء :﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ ﴾ معطوف على الفعل المحذوف.
يعني الذي قدره جواباً للشرط، ولا حاجة إليه، و" لِيَبْتَلِيَكُمْ " متعلق بـ " صَرَفَكُمْ " و" أن " مضمرة بعد اللام. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٥٩٧ ـ ٦٠١﴾. بتصرف.
لطيفة
وإنَّما سمّيت مخالفة من خالف أمر الرسول عصياناً، مع أن تلك المخالفة كانت عن اجتهاد لا عن استخفاف، إذ كانوا قالوا : إنّ رسول الله أمرنا بالثبات هنا لحماية ظهور المسلمين، فلمَّا نصر الله المسلمين فما لنا وللوقوف هنا حتَّى تفوتنا الغنائم، فكانوا متأوَّلين، فإنَّما سمّيت هنا عصياناً لأنّ المقام ليس مقام اجتهاد، فإنّ شأن الحرب الطاعة للقائد من دون تأويل، أو لأنّ التأويل كان بعيداً فلم يعذروا فيه، أو لأنَّه كان تأويلاً لإرضاء حبّ المال، فلم يكن مكافئاً لدليل وجوب طاعة الرّسول. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٥٣﴾
من فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :
وإنَّما قال :﴿ ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ﴾ ليدلّ على أنّ ذلك الصرف بإذن الله وتقديره، كما كان القتل بإذن الله وأنّ حكمته الابتلاء، ليظهر للرسول وللنَّاس مَن ثبت على الإيمان من غيره، ولأنّ في الابتلاء أسراراً عظيمة في المحاسبة بين العبد وربِّه سبحانه وقد أجمل هذا الابتلاء هنا وسيبيّنه.


الصفحة التالية
Icon