ويقال : إن أصحابه لما اجتمعوا قالوا : يا رسول الله، لو دعوت الله على هؤلاء الذين صنعوا بك ؟ فقال النبيّ ﷺ :" لَمْ أُبْعَثْ طَعَّاناً وَلاَ لَعَّاناً، وَلَكِن بُعِثْتُ دَاعِياً وَرَحْمَةً اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ "
فجاءه أُبَيّ بن خلف الجمحي، فقال : يا محمد لا نَجوتُ إن نجوتَ مني.
فهمَّ المسلمون بقتله، فقال لهم.
"دَعُوهُ" حتى دنا منه، فتناول رسول الله ﷺ الحربة من الحارث بن الصمة ورماه بها، فخدشه في عنقه خدشاً غير كبير، وقد كان ذلك لقي رسول الله ﷺ بمكة وقال : عندي فرس أعلفه كل يوم فرق ذرة، أقتلك عليه.
فقال له رسول الله ﷺ :" بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ الله " فلما خدشه رسول الله ﷺ في عنقه رجع إلى قريش وهو يقول : قتلني محمد.
فقالوا له : ما بك من طعن.
فقال : بلى، لقد قال لي أنا أقتلك، والله لو بصق علي بعد تلك المقالة لقتلني.
فمات قبل أن يصل إلى مكة في طريقها.
وكان رسول الله ﷺ واقفاً عند أحد، وقد اجتمع عليه بعض أصحابه، فعلت عليه فرقة من قريش في الجبل فقال رسول الله ﷺ :" لاَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا " فأقبل عمر ورهط من المهاجرين، فقاتلوهم حتى أهبطوهم من الجبل.
وقد كان جبير بن مطعم قال لمملوك له يقال له وحشي : إن أنت قتلت محمداً جعلت لك أعنة الخيل، وإن أنت قتلت علي بن أبي طالب جعلت لك مائة ناقة كلها سود الحدقة، وإن أنت قتلت حمزة فأنت حرٌّ.
فقال وَحْشي : أما محمد فعليه حافظ من الله تعالى لا يخلص إليه أحد، وأما عَلَيُّ فما برز إليه رجل إلا قتله ؛ وأما حمزة فرجل شجاع، فعسى أن أُصَادفه في غِرَّته فاقتله مكانه.