وظاهر قوله تعالى :﴿ وَلِيُمَحّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ ﴾ أي ليخلص ما فيها من الاعتقاد من الوسواس، يرجح الأول : لأن المنافقين لا اعتقاد لهم ليمحص من الوساوس ويخلص منها، ولعل القائلين بكون الخطاب للمنافقين فقط أو مع المؤمنين يفسرون التمحيص بالكشف والتمييز أي ليكشف ما في قلوبكم من مخفيات الأمور أو النفاق ويميزها، إلا أن حمل التمحيص على هذا المعنى يجعل هذه الجملة كالتأكيد لما قبلها وإنما عبر بالقلوب هنا كما قيل : لأن التمحيص متعلق بالاعتقاد على ما أشرنا إليه وقد شاع استعمال القلب مع ذلك فيقال : اعتقد بقلبه ولا تكاد تسمعهم يقولون اعتقد بصدره أو آمن بصدره، وفي القرآن ﴿ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمان ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] وليس فيه كتب في صدورهم الإيمان، نعم يذكر الصدر مع الإسلام كما في قوله تعالى :﴿ أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ للإسلام ﴾ [ الزمر : ٢٢ ] ومن هنا قال بعض السادات : القلب مقر الإيمان، والصدر محل الإسلام، والفؤاد مشرق المشاهدة، واللب مقام التوحيد الحقيقي، ولعل الآية على هذا تؤول إلى قولنا ليبتلي إسلامكم وليمحص إيمانكم، وربما يقال عبر بذلك مع التعبير فيما قبل بالصدور للتفنن بناءاً على أن المراد بالجمعين واحد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٩٧ ـ ٩٨﴾
فائدة
قال القرطبى :
﴿ الذين كُتِبَ ﴾ أي فرض.
﴿ عَلَيْهِمُ القتل ﴾ يعني في اللوح المحفوظ.
﴿ إلى مَضَاجِعِهِمْ ﴾ أي مصارعهم.
وقيل :﴿ كُتِبَ عَلَيْهُم الْقَتْلُ ﴾ أي فرض عليهم القتال، فعبّر عنه بالقتل ؛ لأنه قد يؤول إليه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٤٣﴾

فصل


قال ابن عاشور :
﴿ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon