وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾ الواو اعتراضية، والإشارة بتلك إلى ما سيُذكر بعدُ، فالإشارة هنا بمنزلة ضمير الشأن لقصد الاهتمام بالخبر وهذا الخبر مكنّى به عن تعليل للجواب المحذوف المدلول عليه بجملة :﴿ فقد مس القوم قرح مثله ﴾.
و ﴿ الأيَّام ﴾ يجوز أن تكون جمع يوم مراد به يوم الحرب، كقولهم : يوم بدر ويوم بُعاث ويوم الشَّعْثَمَيْن، ومنه أيّام العرب، ويجوز أن يكون أطلق على الزّمان كقول طرفة :
وما تَنْقُصصِ الأيَّامُ والدهرُ يَنْفَدِ...
أي الأزمان. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٢٩﴾

فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ﴾ القرح الجرح.
والضم والفتح فيه لغتان عن الكسائي والأخفش ؛ مثل عَقْر وعُقْر.
الفراء : هو بالفتح الجُرح، وبالضم ألَمُه.
والمعنى : إن يمسسكم يوم أُحُدٍ قَرْح فقد مَسّ القوم يوم بَدْرٍ قَرْح مثله.
وقرأ محمد بن السَّمَيْقَع "قرح" بفتح القاف والراء على المصدر.
﴿ وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس ﴾ قيل : هذا في الحرب، تكون مرة للمؤمنين لينصر الله عز وجل دينه، ومرة للكافرين إذا عصى المؤمنون ليبتليَهم ويُمَحِّصَ ذنوبهم ؛ فأما إذا لم يَعْصوا فإنّ حزب الله هم الغالبون.
وقيل :﴿ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النّاسِ ﴾ من فَرَح وَغمّ وصحّةِ وسُقْم وغِنًى وفقْرٍ.
والدُّولَةُ الكَرَّة ؛ قال الشاعر :
فيومٌ لنا ويومٌ علينا...
ويومٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّ
قوله تعالى :﴿ وَلِيَعْلَمَ الله الذين آمَنُواْ ﴾ معناه، وإنما كانت هذه المدَاولَةُ ليُرَى المؤمنُ من المنافق فيُمَيَّز بعضُهم من بعض ؛ كما قال :﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجمعَانِ فَبِإذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَم المُؤْمِنِينَ.
ولِيَعْلَم الّذينَ نَافَقُوا ﴾
.


الصفحة التالية
Icon