قوله :﴿ وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس ﴾ يجوز في " الأيَّامُ " أن تكون خبراً لِـ " تِلْكَ " و" نُدَاوِلُهَا " جملة حالية، العامل فيها معنى اسم الإشارة، أي : إشيرُ إليها حال كونها مداوَلةً، ويجوز أن تكون " الأيَّامُ " بدلاً، أو عَطْفَ بيان، أو نَعْتاً لاسم الإشارة، والخبر هو الجملة من قوله :﴿ نُدَاوِلُهَا ﴾ وقد مر نحوه في قوله :﴿ تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا ﴾ [ أل عمران : ١٠٨ ] إلا أن هناك لا يجيء القول بالنعت ؛ لما عرفت أنَّ اسم الإشارة لا ينعت إلا بذي أل و" بَيْنَ " متعلق بـ " نُدَاوِلُهَا "، وجَوَّزَ أبُو البقاءِ أن يكون حالاً من مفعول " نُدَاوِلُهَا " ولَيْسَ بِشَيءٍ.
والمداوَلة : المناوَبة على الشيء، والمُعَاودة، وتعهَّده مرةَ بعد أخْرَى، يقال : دَاوَلْتُ بينهم الشيء فتداولوه، كأن " فَاعَل " بمعنى :" فَعَل ".
قال الشاعر :[ الكامل ]
تَرِدُ الْمِيَاهَ، فَلاَ تَزَالُ تَدَاوُلاً... في النَّاسِ بَيْنَ تَمَثُّل وَسَمَاعِ
وأدال فلانٌ فلاناً : جعل له دولة.
وقال الفقَّال : المداولة : نَقْل الشيء من واحد إلى آخر، يقال : تداولته الأيدي - إذا تناولته ومنه قوله تعالى :﴿ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغنيآء مِنكُمْ ﴾ [ الحشر : ٧ ] أي : تتداولونها، ولا تجعلون للفقراء منها نصيباً، ويقال : الدُّنيا دول، أي : تنتقل من قوم إلى آخرين.
ويقال دال له الدهرُ بكذا - إذا انتقل إليه.
ويقال : دُولة، ودَوْلة - بفتح الفاء وضمها - وقد قُرِئَ بهما في سورة الحشر كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
واختلفوا، هل اللفظتان بمعنًى، أو بينهما فَرْقٌ.
فقال الراغب :" إنهما سِيَّانِ، فيكون في المصدر لغتان ".
وفرَّق بعضُهم بينهما، واختلف هؤلاء في الفرق.