الثالث : أن الحزن إنما يكون على فوات أمر مقصود، فلما قدر النبي ﷺ الانتفاع بايمانهم، ثم كفروا حزن ﷺ عند ذلك لفوات التكثير بهم، فآمنه الله من ذلك وعرفه أن وجود إيمانهم كعدمه في أن أحواله لا تتغير.
القول الرابع : أن المراد رؤساء اليهود : كعب بن الأشرف وأصحابه الذين كتموا صفة محمد ﷺ لمتاع الدنيا.
قال القفال رحمه الله : ولا يبعد حمل الآية على جميع أصناف الكفار بدليل قوله تعالى :﴿يأَيُّهَا الرسول لاَ يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ فِى الكفر﴾ [ المائدة : ٤١ ] إلى قوله :﴿وَمِنَ الذين هِادُواْ﴾ [ المائدة : ٤١ ] فدلت هذه الآية على أن حزنه كان حاصلا من كل هؤلاء الكفار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨٤ ـ ٨٥﴾
فصل
قال القرطبى :
قراءة نافع بضم الياء وكسر الزاي حيث وقع إلاَّ في الأنبياء ﴿ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر ﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ] فإنه بفتح الياء وبضم الزاي.
وضِده أبو جعفر.
وقرأ ابن مُحَيْصِن كلّها بضم الياء و( كسر ) الزاي.
والباقون كلّها بفتح الياء وضمّ الزاي.
وهما لغتان : حَزَنَني الأمر يَحْزُنُنِي، وأحْزَنَنِي أيضاً وهي ( لغة ) قليلة ؛ والأولى أفصح اللّغتين ؛ قاله النحاس.
وقال الشاعر في "أحزن" :
مضى صُحْبِي وأحْزَنَنِي الدِّيارُ...
وقراءة العامة "يُسَارِعُونَ".
وقرأ طلحة "يُسْرِعون في الكفر".
قال الضحّاك : هم كفار قريش.
وقال غيره : هم المنافقون.
وقيل : هو ما ذكرناه قبلُ.
وقيل : هو عامّ في جميع الكفار.
ومُسارعتهم في الكفر المظاهرةُ على محمد صلى الله عليه وسلم.