وقال الآلوسى :
﴿ يُرِيدُ الله أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِى الآخرة ﴾ استئناف لبيان الموجب لمسارعتهم كأنه قيل : لِمَ يسارعون في الكفر مع أنهم لا ينتفعون به ؟ فأجيب بأنه تعالى يريد أن لا يجعل لهم نصيباً مّا من الثواب في الآخرة فهو يريد ذلك منهم فكيف لا يسارعون، وفيه دليل على أن الكفر بإرادة الله تعالى وإن عاقب فاعله وذمه لأن ذلك لسوء استعداده المقتضي إفاضة ذلك عليه، وذكر بعض المحققين أن في ذكر الإرادة إيذاناً بكمال خلوص الداعي إلى حرمانهم وتعذبيهم حيث تعلقت بهما إرادة أرحم الراحمين، وزعم بعضهم أنه مبني على مذهب الاعتزال وليس كذلك كما لا يخفى لأنه لم يقل لم يرد كفرهم ولا رمز إليه، وصيغة المضارع للدلالة على دوام الإرادة واستمرارها، ويرجع إلى دوام واستمرار منشأ هذا المراد وهو الكفر ففيه إشارة إلى بقائهم على الكفر حتى يهلكوا فيه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٣٣﴾
وقال ابن عاشور :
وجملة ﴿ يريد الله ﴾ استئناف لبيان جزائهم على كفرهم في الآخرة، بعد أن بيّن السلامة من كيدهم في الدنيا والمعنى : أنّ الله خذلهم وسلبهم التوفيق فكانوا مسارعين في الكفر لأنّه أراد أن لا يكون لهم حظّ في الآخرة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٨٩﴾
فصل
قال الفخر :
إنه رد على المعتزلة، وتنصيص على أن الخير والشر بإرادة الله تعالى، قال القاضي : المراد أنه يريد الإخبار بذلك والحكم به.
واعلم أن هذا الجواب ضعيف من وجهين :
الأول : أنه عدول عن الظاهر،
والثاني : بتقدير أن يكون الأمر كما قال، لكن الاتيان بضد ما أخبر الله عنه وحكم به محال فيعود الإشكال. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨٥﴾