على المرتدين، وحمل هذه الآية على اليهود، ومعنى اشتراء الكفر بالإيمان منهم، أنهم كانوا يعرفون النبي ﷺ ويؤمنون به قبل مبعثه ويستنصرون به على أعدائهم، فلما بعث كفروا به وتركوا ما كانوا عليه، فكأنهم أعطوا الإيمان وأخذوا الكفر بدلا عنه كما يفعل المشتري من إعطاء شيء وأخذ غيره بدلا عنه، ولا يبعد أيضا حمل هذه الآية على المنافقين، وذلك لأنهم متى كانوا مع المؤمنين أظهروا الإيمان، فإذا خلوا إلى شياطينهم كفروا وتركوا الإيمان، فكان ذلك كأنهم اشتروا الكفر بالايمان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨٥ ـ ٨٦﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى.
قال في الآية الأولى :﴿الذين يسارعون فِى الكفر إنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً﴾ [ آل عمران : ١٧٦ ] وقال في هذه الآية :﴿إِنَّ الذين اشتروا الكفر بالإيمان لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً﴾ والفائدة في هذا التكرار أمور :
أحدها : أن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لا شك أنهم كانوا كافرين أولا، ثم آمنوا ثم كفروا بعد ذلك، وهذا يدل على شدة الاضطراب وضعف الرأي وقلة الثبات، ومثل هذا الإنسان لا خوف منه ولا هيبة له ولا قدرة له ألبتة على إلحاق الضرر بالغير.
وثانيها : أن أمر الدين أهم الأمور وأعظمها، ومثل هذا مما لا يقدم الإنسان فيه على الفعل أو على الترك إلا بعد إمعان النظر وكثرة الفكر، وهؤلاء يقدمون على الفعل أو على الترك في مثل هذا المهم العظيم بأهون الأسباب وأضعف الموجبات، وذلك يدل على قلة عقلهم وشدة حماقتهم، فأمثال هؤلاء لا يلتفت العاقل اليهم.