أحدهما : أن يكون بمعنى الذي فيكون التقدير : لا تحسبن الذين كفروا أن الذين نمليه خير لأنفسهم، وحذف الهاء من "نملي" لأنه يجوز حذف الهاء من صلة الذي كقولك : الذي رأيت زيد، والآخر : أن يقال :"ما" مع ما بعدها في تقدير المصدر، والتقدير : لا تحسبن الذين كفروا أن إملائي لهم خير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨٧﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ أنما نملي لهم خير لأنفسهم ﴾ ( أَنّ ) أخت ( إنّ ) المكسورة الهمزة، و( ما ) موصولة وليست الزائدة، وقد كتبت في المصحف كلمة واحدة كما تكتب إنّما المركبة من ( إن ) أخت ( أنّ ) و( ما ) الزائدةِ الكافّةِ، التي هي حرف حصر بمعنى ( مَا ) و( إلاّ )، وكان القياس أن تكتب مفصولة وهو اصطلاح حدث بعد كتابة المصاحف لم يكن مطّرداً في الرسم القديم، على هذا اجتمعت كلمات المفسّرين من المتقدّمين والمتأخّرين.
وأنا أرى أنّه يجوز أن يكون ( أنّما ) من قوله :﴿ أنما نملي خير لأنفسهم ﴾ هي أنّما أخت إنّما المكسورة وأنّها مركّبة من ( أنّ ) و( ما ) الكافّة الزائدة وأنها طريق من طرق القصر عند المحقّقين، وأنّ المعنى : ولا يحسبنّ الذين كفروا انحصار إمهالنا لهم في أنّه خير لهم لأنّهم لمّا فرحوا بالسلامة من القتل وبالبقاء بقيد الحياة قد أضمروا في أنفسهم اعتقاد أنّ بقاءهم ما هو إلاّ خير لهم لأنّهم يحسبون القتل شرّاً لهم، إذ لا يؤمنون بجزاء الشهادة في الآخرة لكفرهم بالبعث.
فهو قصر حقيقي في ظنّهم.
ولهذا يكون رسمهم كلمة ( أنَّما ) المفتوحة الهمزة في المصحف جارياً على ما يقتضيه اصطلاح الرسم.