أما في حق العبد فتأثير قدرته في إيجاد الفعل متأخر عن تعلق علم الله بعدمه، فصلح أن يكون هذا العلم مانعاً للعبد عن الفعل، فهذا تمام المناظرة في هذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨٧ ـ ٨٩﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿ إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ﴾ استئناف واقع موقع التعليل للنهي عن حسبان الإملاء خيراً، أي ما هو بخير لأنّهم يزدادون في تلك المدّة إثماً.
و ( إنما ) هذه كلمة مركّبة من ( إِنّ ) حرف التوكيد و( ما ) الزائدة الكافّة وهي أداة حصر أي : ما نملي لهم إلاّ ليزدادوا إثماً، أي فيكون أخذهم به أشدّ فهو قصر قلب.
ومعناه أنّه يملي لهم ويؤخّرهم وهم على كفرهم فيزدادون إثماً في تلك المدّة، فيشتدّ عقابهم على ذلك، وبذلك لا يكون الإملاء لهم خيراً لهم، بل هو شرّ لهم.
واللام في ﴿ ليزدادوا إثماً ﴾ لام العاقبة كما هي في قوله تعالى :﴿ ليكون لهم عدواً وحزناً ﴾ [ القصص : ٨ ] أي : إنما نملي لهم فيزدادون إثماً، فلمّا كان ازدياد الإثم ناشئاً عن الإملاء، كان كالعلّة له، لا سيما وازدياد الإثم يعلمه الله فهو حين أملَى لهم علم أنّهم يزدادون به إثماً، فكان الازدياد من الإثم شديد الشبه بالعلّة، أمّا علّة الإملاء في الحقيقة ونفس الأمر فهي شيء آخر يعلمه الله، وهو داخل في جملة حكمة خلق أسباب الضلال وأهله والشياطين والأشياء الضارّة.
وهي مسألة مفروغ منها في علم الكلام، وهي ممّا استأثر الله بعلم الحكمة في شأنه.
وتعليلُ النهي على حسبان الإملاء لهم خيراً لأنفسهم حاصل، لأنّ مداره على التلازم بين الإملاء لهم وبين ازديادهم من الإثم في مدّة الإملاء. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩١ ـ ٢٩٢﴾