وأما قراءته التي حكاها عنه الزمخشريُّ، فقد خرَّجَها هو، فقال : على معنى : ولا تحسبن الذين كفروا أن إملاءنا لازدياد الإثم - كما يفعلون - وإنما هو ليتوبوا، ويدخلوا في الإيمان، وقوله :﴿ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ ﴾ اعتراض بين الفعل ومعموله، ومعناه : إن إملاءنا خيرٌ لأنفسهم إن عملوا فيه، وعرفوا إنعام الله عليهم، بتفسيح المُدَّةِ، وترك المعاجلةِ بالعقوبة. انتهى.
فعلى هذا يكون " الذين " فاعلاً، و" أنما " - المفتوحة - سادة مسد المفعولين، أحدهما - على الخلاف - واعترض بهذه الجملة بين الفعل ومعموله. قال النَّحَّاسُ : قراءة يحيى بن وَثَّابٍ - بكسر " إن " فيهما جميعاً - حسنة، كما تقول : حسبت عمراً أبوه خارجٌ.
وأما ما حكاه الزّجّاج - قراءةً - عن خلق كثير، وهو نصب " خير " على الظاهر من كلامه، فقد ذكر نخريجها، على أن ﴿ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ ﴾ بدل من " الذين كفروا " و" خيراً " مفعول ثانٍ، ولا بد من إيراد نَصِّه، قال - رحمه الله - : مَنْ قرأ :" ولا يحسبن " بالياء، لم يَجُزْ عند البصريين إلا كسر " إن " والمعنى : لا يجسبن الذين كفروا إملاءنا خير لهم، ودخلت " إن " مؤكِّدةً، فإذا فتحت صار المعنى : وزلا يبسحبن الذين كفروا إملاءنا خير لهم، قال : وهو عندي يجوز في هذا الموضع على البدل من " الذين " والمعنى : ولا يحسبن إملاءنا للذين كفروا خيراً لهم، وقد قرأ بها خلقٌ كثير، ومثل هذه القراءة من الشعر قول الشاعر :[ الطويل ]
فَمَا كَانَ قَيْسٌ هُلْكَ وَاحِدٍ... وَلَكِنَّهُ بُنْيَانُ قَوْمٍ تَهَدَّمَا
جعل " هلكه " بدلاً من " قيس " والمعنى : فما كان هلك قيس هلك واحدٍ، ١ه.