قيل : لا يجوز ذلك ؛ لأنك إذا أبدلت " أن " من " الذين كفروا " كما أبدلت " أنَّ " من " إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ " لزمك أن تنصب " خَيْراً " على تقدير : لاَ تَحْسَبَنَّ إملاء الذين كفروا خيراً لأنفسهم، من حيثُ كان المفعولُ لـ " تَحْسَبَنَّ ".
انتهى ما رد به عليه، فلم يَبْقَ إلا الترجيح بين نَقْل الزجَّاج وابنِ مجاهد.
قال شهاب الدين : ولا شك أن ابنَ مجاهدٍ أَعْنَى بالقراءات، إلا أن الزَّجَّاجَ ثقةٌ، ويقول : قرأ به خلقٌ كثيرٌ وهذا يبعد غلطه فيه، والإثبات مقدم على النفي، وما ذكره أبو علي - من قوله : وإذا لم يجز لا كسر " إن ".... الخ - هذا - أيضاً مما لم يقرأ به أحد ".
قال مَكِّي :" وجه القراءة لمن قرأ بالتاء - يعني بتاء الخطاب - أن يكسر " إنَّما " فتكون الجملة في موضع المفعول الثاني، ولم يقرأ به أحدٌ علمته ". وقد نقل أبو البقاء أن نصب " خَيْراً " قراءة شاذة قال : وقد قرئَ شَاذَّاً بالنصب، على أن يكون " لأَنْفُسِهِمْ " خبر " أن " و" لَهُمْ " تبيين، أو حال من " خَيْر ".
يعني : أنه لما جعل " لأَنْفُسِهِم " الخبر، جعل " لَهُمط إما تبييناً، تقديره : أعني لهم وإما حالاً من النكرة المتأخرة، لأنه كان في الأصل صفة لها. والظاهر - على هذه القراءة - ما تقدم من كون " لَهُمْ " هو الخبر، ويكون " لأَنْفُسِهِمْ " في محل نصب ؛ صفة لـ " خَيْرٌ " - كما كان صفة له في قراءة الجمهور.
ونقل - أيضاً - قراءة كسر " أن " وهي قراءة يحيى، وخرجها على أنها جواب قسم محذوف، والقسم وجوابه يسد مَسَدَّ المفعولينِ، ولا حاجة إلى ذلك، بل تخريجها على ما تقدم أَوْلَى ؛ لأن الأصل عدم الحذفِ.