الثاني : أنّ هذه الجملة تكريرٌ للأولى.
قال أبو البقاء : وقيل :" إنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ " تكريرٌ لَهُمْ " تكريرٌ للأول، و" لِيَزْدَادوا " هو المفعول الثاني لـ " تَحْسَبَنَّ " على قراءة التاء، والتقدير : ولا تحسبنّ يا محمد إملاء الذين كفروا ليزدادوا إيماناً، بل ليزدادوا إثماً. ويُرْوَى عن بعض الصحابة أنه قرأها كذلك.
قال شِهَابُ الدينِ : وفي هذا نظر، من حيث إنه جعل " لِيَزْدَادوا " هو المفعول الثاني، وقد تقدم أن لام " كي " لا تقع خبراً للمبتدأ ولا لنواسخه، ولأن هذا إنما يتم له على تقدير فتح الثانيةِ، وقد تقدم أنّ أحداً لم ينقلها عن يحيى إلا الزمخشريّ والذي يقرأ " تَحْسَبَنَّ " - بتاء الخطاب - لا يفتحها ألبتة.
واللام في " ليزدادوا " فيها وجهان :
أحدهما : أنها لام " كي ".
والثاني : أنها لامُ الصَّيْرُورَةِ.
قوله :" وَلَهُم عَذَابٌ مُهِينٌ " في هذه الواو قولان :
أحدهما : أنها للعطف ؟
والثاني : أنها للحالِ، وظاهرُ قول الزمخشريُّ أنها للحالِ في قراءة يَحْيى بن وثَّاب فقط ؛ فإنه قال : فإن قلت : ما معنى القراءة - يعني : قراءة يحيى التي نقلها هو عنه ؟
قلتُ : معناه : ولا تحسبوا أن إملاءه لزيادة الإثم والتعذيب، والواو للحال، كأنه قيل : ليزدادوا إثْماً مُعَدًّا لهم عذابٌ مهينٌ.
قال أبو حيَّان : بعد ما ذكر من إنكاره عليه نَقْل فَتْح الثانية عن يحيى كما تقدم - :" ولما قَرَّرَ في هذه القراءة أن المعنى على نَهْي الكافر أن يحسب أنما يُملي اللهُ لزيادة الإثم، وأنه إنما يملي [ لزيادة ] الخير، كان قوله :﴿ وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ يدفع هذا التفسير، فخرج ذلك على أن الواو للحالِ، حتى يزول هذا التدافعُ الذي بين هذه القراءة، وبين ظاهر آخر الآية. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٦٨ ـ ٧٥﴾