وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس وابن جرير وغيره عن قتادة أنه للكفار، ولعل المراد بهم المنافقون وإلا فهو بعيد جداً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٢٣٦﴾
وقال ابن عاشور :
قوله تعالى :﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾
استئناف ابتدائي، وهو رجوع إلى بيان ما في مصيبة المسلمين من الهزيمة يوم أُحُد من الحِكم النافعة دُنيا وأخرى، فهو عود إلى الغرض المذكور في قوله تعالى :﴿ وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ﴾ [ آل عمران : ١٦٦ ] بيّن هنا أنّ الله لم يرد دوام اللبس في حال المؤمنين والمنافقين واختلاطهم، فقدّر ذلك زماناً كانت الحكمة في مثله تقتضي بقاءه وذلك أيّام ضعف المؤمنين عقب هجرتهم وشدّة حاجتهم إلى الاقتناع من الناس بحسن الظاهر حتّى لا يبدأ الانشقاق من أوّل أيّام الهجرة، فلمّا استقرّ الإيمان في النفوس، وقرّ للمؤمنين الخالصين المُقام في أمْن، أراد الله تعالى تنهية الاختلاط وأن يميز الخبيث من الطيّب وكان المنافقون يكتمون نفاقهم لمَّا رأوا أمر المؤمنين في إقبال، ورأوا انتصارهم يوم بدر، فأراد الله أن يفضحهم ويظهر نفاقهم، بأن أصاب المؤمنين بقَرح الهزيمة حتّى أظهر المنافقون فرحهم بنصرة المشركين، وسجّل الله عليهم نفاقهم بادياً للعيان كما قال :
جَزَى الله المصائبَ كلّ خير
عرفتُ بها عدوّي من صديقي... أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩٢﴾
فصل
قال القرطبى :
قال أبو العالية : سأل المؤمنون أن يعطوا علامة يفرّقون بها بين المؤمن والمنافق ؛ فأنزل الله عزّ وجلّ :﴿ مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ ﴾ الآية.
واختلفوا مَن المخاطب بالآية على أقوال.