أحدها : بإلقاء المحن والمصائب والقتل والهزيمة، فمن كان مؤمنا ثبت على إيمانه وعلى تصديق الرسول ﷺ، ومن كان منافقا ظهر نفاقه وكفره.
وثانيها : أن الله وعد بنصرة المؤمنين وإذلال الكافرين، فلما قوي الإسلام عظمت دولته وذل الكفر وأهله، وعند ذلك حصل هذا الامتياز.
وثالثها : القرائن الدالة على ذلك، مثل إن المسلمين كانوا يفرحون بنصرة الإسلام وقوته، والمنافقين كانوا يغتمون بسبب ذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٩٠﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
ومعنى ﴿ ما كان الله ليذر المؤمنين ﴾ نفي هذا عن أن يكون مراداً لله نفياً مؤكَّداً بلام الجُحود، وقد تقدّم نظيره في قوله تعالى :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب ﴾ [ آل عمران : ٧٩ ] إلخ...
فقوله :﴿ على ما أنتم عليه ﴾ أي من اختلاط المؤمن الخالص والمنافق، فالضمير في قوله :﴿ أنتم عليه ﴾ مخاطب به المسلمون كلّهم باعتبار من فيهم من المنافقين.
والمراد بالمؤمنين المؤمنون الخُلَّص من النفاق، ولذلك عبّر عنهم بالمؤمنين، وغيّر الأسلوب لأجل ذلك، فلم يقل : ليذركم على ما أنتم عليه تنبيهاً على أنّ المراد بضمير الخطاب أكثر من المراد بلفظ المؤمنين، ولذلك لم يقل على ما هم عليه.
وقوله :﴿ حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾ غاية للجحود المستفاد من قوله :﴿ ما كان الله ليذر ﴾ المفيد أنّ هذا الوَذْر لا تتعلّق به إرادة الله بعد وقت الإخبار ولا واقعاً منه تعالى إلى أن يحصل تمييز الخبيث من الطيّب، فإذا حصل تمييز الخبيث من الطّيب صار هذا الوذر ممكناً، فقد تتعلّق الإرادة بحصوله وبعدم حصوله، ومعناه رجوع إلى حال الاختيار بعد الإعلام بحالة الاستحالة.