أي ما كان الله ليعيِّن لكم المنافقين حتى تعرفوهم، ولكن يظهر ذلك لكم بالتكليف والمحنة، وقد ظهر ذلك في يوم أُحُد ؛ فإن المنافقين تخلفوا وأظهروا الشماتة، فما كنتم تعرفون هذا الغيب قبل هذا، فالآن قد أطلع الله محمداً عليه السَّلام وصحبه على ذلك.
وقيل : معنى ﴿ ليطلعكم ﴾ أي وما كان ( الله ) ليعلمكم ما يكون منهم.
فقوله :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ ( عَلَى الْغَيْبِ ) ﴾ على هذا متصل، وعلى القولين الأوّلين منقطع.
وذلك أن الكفار لما قالوا : لِمَ لَمْ يوح إلينا ؟ قال :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغيب ﴾ أي على من يستحق النبوّة، حتى يكون الوحي باختياركم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٨٩﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وما كان الله ليطلعكم ﴾ عطف على قوله :﴿ ما كان الله ليذر ﴾ يعني أنّه أراد أن يميز لكم الخبيث فتعرفوا أعداءكم، ولم يكن من شأن الله إطلاعكم على الغيب، فلذلك جعل أسباباً من شأنها أن تستفزّ أعداءكم فيظهروا لكم العداوة فتطلّعوا عليهم، وإنّما قال :﴿ وما كان الله ليطلعكم على الغيب ﴾ لأنّه تعالى جعل نظام هذا العالم مؤسّساً على استفادة المسبّبات من أسبابها، والنتائج من مقدّماتها. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩٤﴾