وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ فآمنوا بالله ورسله ﴾ إن كان خطاباً للمؤمنين فالمقصود منه الإيمان الخاصّ، وهو التصديق بأنّهم لا ينطقون عن الهوى، وبأنّ وعد الله لا يخلف، فعليهم الطاعة في الحرب وغيره أو أريد الدوام على الإيمان، لأنّ الحالة المتحدّث عنها قد يتوقع منها تزلزل إيمان الضعفاء ورواج شبه المنافقين، وموقع ﴿ وإن تؤمنوا وتتقوا ﴾ ظاهر على الوجهين، وإن كان قوله :﴿ فآمنوا ﴾ خطاباً للكفار من المنافقين بناء على أنّ الخطاب في قوله :﴿ على ما أنتم عليه ﴾ وقوله :﴿ ليطلعكم على الغيب ﴾ للكفّار فالأمر بالإيمان ظاهر، ومناسبة تفريعه عمّا تقدّم انتهاز فرص الدعوة حيثما تأتّت. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩٤﴾
قال العلامة الآلوسى :
وتعميم الأمر مع أن سوق النظم الكريم للإيمان بالنبي ﷺ لإيجاب الإيمان به بالطريق البرهاني والإشعار بأن ذلك مستلزم للإيمان بالكل لأنه ﷺ مصدق لما بين يديه من الرسل وهم شهداء بصحة نبوته، والمأمور به الإيمان بكل ما جاء به عليه الصلاة والسلام فيدخل فيه تصديقه فيما أخبر به من أحوال المنافقين دخولاً أولياً، وقد يقال : إن المراد من الإيمان بالله تعالى أن يعلموه وحده مطلعاً على الغيب.
ومن الإيمان برسله أن يعلموهم عباداً مجتبين لا يعلمون إلا ما علمهم الله تعالى ولا يقولون إلا ما يوحي إليهم في أمر الشرائع، وكون المراد من الإيمان بالله تعالى الإيمان بأنه سبحانه وتعالى لا يترك المخلصين على الاختلاط حتى يميز الخبيث من الطيب بنصب العلامات وتحصيل العلم الاستدلالي بمعرفة المؤمن والمنافق.
ومن الإيمان برسله الإيمان بأنهم المترشحون للاطلاع على الغيب لا غيرهم بعيد كما لا يخفى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٣٨﴾


الصفحة التالية
Icon