قوله تعالى :﴿وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القيامة﴾
فصل
قال الفخر :
بين تعالى أن تمام الأجر والثواب لا يصل إلى المكلف إلا يوم القيامة، لأن كل منفعة تصل إلى المكلف في الدنيا فهي مكدرة بالغموم والهموم وبخوف الانقطاع والزوال، والأجر التام والثواب الكامل إنما يصل إلى المكلف يوم القيامة لأن هناك يحصل السرور بلا غم، والأمن بلا خوف، واللذة بلا ألم.
والسعادة بلا خوف الانقطاع، وكذا القول في جانب العقاب فإنه لا يحصل في الدنيا ألم خالص عن شوائب اللذة، بل يمتزج به راحات وتخفيفات، وإنما الألم التام الخالص الباقي هو الذي يكون يوم القيامة، نعوذ بالله منه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٢﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القيامة ﴾ فأجْرُ المؤمن ثواب، وأجر الكافر عقاب، ولم يعتدّ بالنعمة والبلية في الدنيا أجراً وجزاء ؛ لأنها عرصةَ الفناء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٣٠٢﴾
وقال الآلوسى
﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ ﴾ أي تعطون أجزية أعمالكم وافية تامة ﴿ يَوْمُ القيامة ﴾ أي وقت قيامكم من القبور، فالقيامة مصدر والوحدة لقيامهم دفعة واحدة، وفي لفظ التوفية إشارة إلى أن بعض أجورهم من خير أو شر تصل إليهم قبل ذلك اليوم، ويؤيده ما أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري والطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة مرفوعاً " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران "
، وقيل : النكتة في ذلك أنه قد يقع الجزاء ببعض الأعمال في الدنيا، ولعل من ينكر عذاب القبر تتعين عنده هذه النكتة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٤٦﴾