قوله :﴿ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار ﴾ أدغم أبو عمرو الحاء في العين، قالوا : لطول الكلمة، وتكرير الحاء، دون قوله :﴿ ذُبِحَ عَلَى النصب ﴾ [ المائدة : ٣ ] وقوله :﴿ المسيح عِيسَى ﴾ [ آل عمران : ٤٥ ] ونُقِل عنه الإدغامُ مطلقاً، وعدمه مطلقاً والنحويون يمنعون ذلك، ولا يُجيزونه إلا بعد أن يقلبوا العين حاء ويُدْغِموا الحاء فيها، قالوا : لأن الأقوى لا يُدْغَم في الأضْعَف، وهذا عكس الإدغامِ، أن تقلب فيه الأول للثاني إلا في مسألتين : إحداهما : هذه، والثانية : الحاء في الهاء، نحو : امدح حلالاً - بقلب الهاء حاء أيضاً - ولذلك طعن بعضهم على قراءةِ أبي عمرو، ولا يُلْتَفَت إليه.. ومعنى الكلام، ﴿ فَمَن زُحْزِحَ ﴾ أي : نُحِّي وأزيل عن النار وأدخل الجنة فقد فاز.
قوله :﴿ وَما الحياة الدنيا إِلاَّ مَتَاعُ الغرور ﴾ المتاع : ما يتَمَتَّع به، وينتفع [ به الناسُ - [ كالقِدْرِ ] والقصعة - ثم يزول ولا يبقى قاله أكثرُ المفسّرين.
وقال الحَسَن : هو كخضرة النبات، ولعب البنات، ولا حاصل له.
وقال قتادة : هي متاع متروك : يوشك أن يضمحِلَّ، فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله - تعالى - ما استطاع.
وقوله :" الْغُرور " يجوز أن يكون مصدراً من قولك : غَرَرْتَ فلاناً غُرُوراً، شبه بالمتاع الذي يُدَلس به على المستام، ويغر عليه حتى يشتريه، ثم يظهر فَسَادُهُ لَهُ، ومنه الحديث :" نهى عن بيع الغرر " ويجوز أن يكون جَمْعاً.
وقرأ عبد الله لفتح الغين وفسرها بالشيطان أن يكون فَعُولاً بمعنى مفعول، أي : متاع الغُرُور، أي : المخدوع : وأصل الغَرَر : الخدع.


الصفحة التالية
Icon