إن الدين هو النظام الذي قرره الله للحياة البشرية بجملتها، والمنهج الذي يسير عليه نشاط الحياة برمتها. والله وحده هو صاحب الحق في وضع هذا المنهج بلا شريك. والدين هو الأتباع والطاعة للقيادة الربانية التي لها وحدها حق الطاعة والاتباع، ومنها وحدها يكون التلقي، ولها وحدها يكون الاستسلام.. فالمجتمع المسلم مجتمع له قيادة خاصة - كما له عقيدة خاصة وتصور خاص - قيادة ربانية متمثلة في رسول الله ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ وفيما يبلغه عن ربه مما هو باق بعده من شريعة الله ومنهجه. وتبعية هذا المجتمع لهذه القيادة هي التي تمنحه صفة الإسلام وتجعل منه "مجتمعا مسلما". وبغير هذه التبعية المطلقة لا يكون "مسلما" بحال. وشرط هذه التبعية هو التحاكم إلى الله والرسول، ورد الأمر كله إلى الله، والرضى بحكم رسوله وتنفيذه مع القبول والتسليم.
وتبلغ نصوص السورة في بيان هذه الحقيقة، وتقرير هذا الأصل، مبلغا حاسما جازما، لا سبيل للجدال فيه، أو الاحتيال عليه، أو تمويهه وتلبيسه، لأنها من القوة والوضوح والحسم بحيث لا تقبل الجدال !
وتقرير هذا المبدأ الأساسي يتمثل في نصوص كثيرة كثرة واضحة في السورة. وسيجيء استعراضها التفصيلي في مكانها من السياق. فنكتفي هنا بذكر بعضها إجمالا :
يتمثل على وجه الإجمال في آية الافتتاح في السورة :(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة..).. كما يتمثل في مثل هذه الآيات :(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا...)[ آية ٣٦ ].. (إن الله لا يغفر أن يشرك به ; ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).. [ آية ٤٨ ]..


الصفحة التالية
Icon