وقد حفلت هذه السورة كما حفلت سورتا البقرة وآل عمران بالحديث عن تلك المؤامرات التي لا تنقطع من اليهود ضد الجماعة المسلمة، بالاتفاق مع المنافقين ومع المشركين. وستجيء هذه النصوص مشروحة عند استعراضها في مكانها في السياق. فنكتفي هنا بإثبات طرف من هذه الحملة العنيفة :
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة، ويريدون أن تضلوا السبيل، والله أعلم بأعدائكم، وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا. من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه، ويقولون : سمعنا وعصينا، واسمع غير مسمع، وراعنا - ليا بألسنتهم وطعنالرسالات ; ولا غريبة من الغرائب، التي لا عهد للأرض بها ; أو لا عهد بها لبني إسرائيل أنفسهم. إنما هي حلقة من سلسلة الحجة التي يأخذها الله على العباد قبل الحساب. فقد أوحى إليه كما أوحى إلى الرسل من قبله. وقد آتاه الله النبوة والحكم، كما آتى أنبياء بني إسرائيل ! فلا غرابة في رسالته، ولا غرابة في قيادته، ولا غرابة في حاكميته. وكلها مألوف في عالم الرسالات. وكل تعلات بني إسرائيل في هذا الأمر كاذبة، وكل شبهاتهم كذلك باطلة. ولهم سوابق مثلها مع نبيهم الأكبر موسى عليه السلام، ومع أنبيائهم من بعده، وبخاصة مع عيسى عليه السلام، ومن ثم لا يجوز أن يلقي باله إليها أحد من المسلمين.
وتتولى آيات كثيرة في السورة بيان هذه الحقيقة. نقتطف بعضها في هذا المجمل ; حتى تجيء كلها مشروحة في مكانها من السياق :