فصل نفيس
قال الفخر :
إنه تعالى جعل هذا المطلع مطلعا لسورتين في القرآن : إحداهما : هذه السورة وهي السورة الرابعة من النصف الأول من القرآن.
والثانية : سورة الحج، وهي أيضا السورة الرابعة من النصف الثاني من القرآن، ثم إنه تعالى علل الأمر بالتقوى في هذه السورة بما يدل على معرفة المبدأ، وهو أنه تعالى خلق الخلق من نفس واحدة، وهذا يدل على كمال قدرة الخالق وكمال علمه وكمال حكمته وجلاله، وعلل الأمر بالتقوى في سورة الحج بما يدل على كمال معرفة المعاد، وهو قوله :﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَىْء عَظِيمٌ﴾ [ الحج : ١ ] فجعل صدر هاتين السورتين دلالة على معرفة المبدأ ومعرفة المعاد، ثم قدم السورة الدالة على المبدأ على السورة الدالة على المعاد، وتحت هذا البحث أسرار كثيرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٢٩﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى أمرنا بالتقوى وذكر عقبيه أنه تعالى خلقنا من نفس واحدة، وهذا مشعر بأن الأمر بالتقوى معلل بأنه تعالى خلقنا من نفس واحدة، ولا بد من بيان المناسبة بين هذا الحكم وبين ذلك الوصف، فنقول : قولنا إنه تعالى خلقنا من نفس واحدة، مشتمل على قيدين : أحدهما : أنه تعالى خلقنا، والثاني : كيفية ذلك التخليق، وهو أنه تعالي إنما خلقنا من نفس واحدة، ولكل واحد من هذين القيدين أثر في وجوب التقوى.
أما القيد الأول :
وهو أنه تعالى خلقنا، فلا شك أن هذا المعنى علة لأن يجب علينا الانقياد لتكاليف الله تعالى والخضوع لأوامره ونواهيه، وبيان ذلك من وجوه :