وقال الآلوسى :
﴿ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ وهو عطف على ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾ داخل معه في حيز الصلة، وأعيد الفعل لإظهار ما بين الخلقين من التفاوت لأن الأول : بطريق التفريع من الأصل، والثاني : بطريق الإنشاء من المادة فإن المراد من الزوج حواء وهي قد خلقت من ضلع آدم عليه السلام الأيسر كما روي ذلك عن ابن عمر وغيره، وروى الشيخان " استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع، وإنّ أعوجَ شيء من الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج " وأنكر أبو مسلم خلقها من الضلع لأنه سبحانه قادر على خلقها من التراب فأي فائدة في خلقها من ذلك، وزعم أن معنى ﴿ مِنْهَا ﴾ من جنسها والآية على حد قوله تعالى :﴿ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾ [ النحل : ٧٢ ] ووافقه على ذلك بعضهم مدعياً أن القول بما ذكر يجر إلى القول بأن آدم عليه السلام كان ينكح بعضه بعضاً، وفيه من الاستهجان ما لا يخفى، وزعم بعض أن حواء كانت حورية خلقت مما خلق منه الحور بعد أن أسكن آدم الجنة وكلا القولين باطل، أما الثاني : فلأنه ليس في الآيات ولا الأحاديث ما يتوهم منه الإشارة إليه أصلاً فضلاً عن التصريح به، ومع هذا يقال عليه : إن الحور خلقن من زعفران الجنة كما ورد في بعض الآثار فإن كانت حواء مخلوقة مما خلقن منه كما هو نص كلام الزاعم فبينها وبين آدم عليه السلام المخلوق من تراب الدنيا بُعدٌ كلّي يكاد يكون افتراقاً في الجنسية التي ربما توهمها الآية، ويستدعي بعد وقوع التناسل بينهما في هذه النشأة وإن كانت مخلوقة مما خلق منه آدم فهو مع كونه خلاف نص كلامه يردّ عليه إن هذا قول بما قاله أبو مسلم وإلا يكنه فهو قريب منه، وأما الأول : فلأنه لو كان الأمر كما ذكر فيه لكان الناس مخلوقين من نفسين لا من نفس واحدة وهو خلاف النص، وأيضاً هو