فلا يجوز أن يقال : اذهب وزيد، وذهبت وزيد بل يقولون : يا غلام، فكان المضمر المجرور مشابها للتنوين من هذا الوجه، فثبت أن المضمر المجرور بمنزلة حرف التنوين، فوجب أن لا يجوز عطف المظهر عليه لأن من شرط العطف حصول المشابهة بين المعطوف والمعطوف عليه، فإذا لم تحصل المشابهة ههنا وجب أن لا يجوز العطف.
وثانيها : قال علي بن عيسى : إنهم لم يستحسنوا عطف المظهر على المضمر المرفوع.
فلا يجوز أن يقال : اذهب وزيد، وذهبت وزيد بل يقولون : اذهب أنت وزيد، وذهبت أنا وزيد.
قال تعالى :﴿فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا﴾ [ المائدة : ٢٤ ] مع أن المضمر المرفوع قد ينفصل، فإذا لم يجز عطف المظهر على المضمر المجرور مع أنه أقوى من المضمر المجرور بسبب أنه قد ينفصل، فلأن لا يجوز عطف المظهر على المضمر المجرور مع أنه ألبتة لا ينفصل كان أولى.
وثالثها : قال أبو عثمان المازني : المعطوف والمعطوف عليه متشاركان، وإنما يجوز عطف الأول على الثاني لو جاز عطف الثاني على الأول، وههنا هذا المعنى غير حاصل، وذلك لأنك لا تقول : مررت بزيدوك، فكذلك لا تقول مررت بك وزيد.
واعلم أن هذه الوجوه ليست وجوها قوية في دفع الروايات الواردة في اللغات، وذلك لأن حمزة أحد القراء السبعة، والظاهر أنه لم يأت بهذه القراءة من عند نفسه، بل رواها عن رسول الله ﷺ، وذلك يوجب القطع بصحة هذه اللغة، والقياس يتضاءل عند السماع لا سيما بمثل هذه الأقيسة التي هي أوهن من بيت العنكبوت، وأيضا فلهذه القراءة وجهان :
أحدهما : أنها على تقدير تكرير الجار، كأنه قيل تساءلون به وبالأرحام.
وثانيها : أنه ورد ذلك في الشعر وأنشد سيبويه في ذلك :
فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا.. فاذهب فما بك والأيام من عجب
وأنشد أيضا :


الصفحة التالية
Icon