وقد قال الإمام أبو حنيفة والثوري ويحيى بن آدم في حقه غلب حمزة الناس على القراءة والفرائض، وأخذ عنه جماعة وتلمذوا عليه منهم إمام الكوفة قراءة وعربية أبو الحسن الكسائي، وهو أحد القراء السبع الذين قال أساطين الدين : إن قراءتهم متواترة عن رسول الله ﷺ، ومع هذا لم يقرأ بذلك وحده بل قرأ به جماعة من غير السبعة كابن مسعود وابن عباس وإبراهيم النخعي والحسن البصري وقتادة ومجاهد وغيرهم كما نقله ابن يعيش فالتشنيع على هذا الإمام في غاية الشناعة ونهاية الجسارة والبشاعة وربما يخشى منه الكفر، وما ذكر من امتناع العطف على الضمير المجرور هو مذهب البصريين ولسنا متعبدين باتباعهم، وقد أطال أبو حيان في "البحر" الكلام في الرد عليهم، وادعى أن ما ذهبوا إليه غير صحيح، بل الصحيح ماذهب إليه الكوفيون من الجواز وورد ذلك في لسان العرب نثراً ونظماً، وإلى ذلك ذهب ابن مالك، وحديث إن ذكر الأرحام حينئذ لا معنى له في الحض على تقوى الله تعالى ساقط من القول لأن التقوى إن أريد بها تقوى خاصة وهي التي في حقوق العباد التي من جملتها صلة الرحم فالتساؤل بالأرحام مما يقتضيه بلا ريب، وإن أريد الأعم فلدخوله فيها وأما شبهة أن في ذكرها تقرير التساؤل بها، والقسم بحرمتها والحديث يرد ذلك للنهي فيه عن الحلف بغير الله تعالى، فقد قيل في جوابها : لا نسلم أن الحلف بغير الله تعالى مطلقاً منهي عنه، بل المنهي عنه ما كان مع اعتقاد وجوب البر، وأما الحلف على سبيل التأكيد مثلاً فمما لا بأس به ففي الخبر "أفلح وأبيه إن صدق".


الصفحة التالية
Icon