لطيفة
قال الثعالبى :
وفي قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ : ضرْبٌ من الوعيدِ، قال المُحَاسِبِيُّ : سألتُ أبا جَعْفَرٍ محمدَ بْنَ موسى، فقلْتُ : أجمل حالاتِ العارفين ما هِيَ ؟ فقال : إن الحال التي تَجْمَعُ لك الحالاتِ المَحْمُودةَ كلَّها في حالةٍ واحدةٍ هي المراقبةُ، فَألْزِمْ نفْسَكَ، وقَلْبَكَ دَوَامَ العِلْمِ بنَظَرِ اللَّه إليك ؛ في حركَتِك، وسكونِكِ، وجميعِ أحوالِكِ ؛ فإنَّك بعَيْنِ اللَّهِ ( عزَّ وجلَّ ) في جميعِ تقلُّباتك، وإنَّك في قبضته ؛ حيث كُنْتَ، وإنَّ عين اللَّه على قلبك، ونَاظِرٌ إلى سِرِّك وعلانيتِكَ، فهذه الصفةُ، يا فتى، بحْرٌ ليس له شطٌّ، بَحْر تجري منْه السواقِي والأنهارُ، وتسيرُ فيه السُّفُن إلى معادِنِ الغنيمةِ. انتهى من كتاب "القصد إلى اللَّه سبحانه". أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ٣٤٦ ـ ٣٤٧﴾
من فوائد أبى حيان فى الآية
قال عليه الرحمة :
وقيل : يجوز أن يكون أراد بالتقوى تقوى خاصة، وهو أن يتقوه فيما يتصل بحفظ الحقوق بينهم، فلا يقطعوا ما يجب عليهم وصله.
فقيل : اتقوا ربكم الذي وصل بينكم بأن جعلكم صنواناً مفرعة من أرومة واحدة فيما يجب لبعضكم على بعض ولبعض، فحافظوا عليه ولا تغفلوا عنه.
وهذا المعنى مطابق لمعاني السورة.
وقال ابن عباس : المراد بالتقوى الطاعة.
وقال مقاتل : الخشية.
وقيل : اجتناب الكبائر والصغائر.
والمراد بقوله : من نفس واحدة آدم.
وقرأ الجمهور : واحدة بالتاء على تأنيث لفظ النفس.
وقرأ ابن أبي عبلة : واحد على مراعاة المعنى، إذ المراد به آدم، أو على أن النفس تذكر وتؤنث، فجاءت قراءته على تذكير النفس.
ومعنى الخلق هنا : الاختراع بطريق التفريع، والرجوع إلى أصل واحد كما قال الشاعر :
إلى عرق الثرى وشجت عروقي...
وهذا الموت يسلبني شبابي


الصفحة التالية
Icon