أيضاً فحمزة أحد القراءة السبعة، الظاهر أنه لم يأتِ بهذه القراءة من عند نفسه، بل رواها عن رسول الله ﷺ وذلك يوجب القطع بصحة اللغة، ولا التفات إلى أقيسة النحاة عند وجود السماع، وأيضاً فلهذه القراءة وجهان :
أحدهما : ما تقدم من تقدير تكرير الجر، وإن لم يجزه البصريون فقد أجازه غيرهم.
والثاني : فقد ورد في الشعر وأنشد سيبويه :[ البسيط ]
فاليَوْمَ قَرَّبْتَ تَهْجُونَا وتَشْتُمْنَا... فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ والأيَّامِ مِنْ عَجَب
وقال الآخر [ الطويل ]
تُعَلَّقُ في مِثْلِ السَّوَاري سُيُوفُنَا... وَمَا بَيْنَهَا والْكَعْبِ غَوْطٌ نَفَانِفُ
وقال آخر [ الوافر ]
أكُرُّ على الكِتيبَةِ لا أُبالِي... أفِيهَا كَانَ حَتْفِي أمْ سِوَاهَا
وحمزة بالرتبة السَّنيَّة المانعةِ له من نقلِ قراءة ضعيفة.
قال بن الخطيبِ :" والعَجَبُ من هَؤلاء [ النحاة ] أنهم يستحسنون إثبات هذه اللغة بهذين البيتين المجهولين، ولا يستحسنوها بقراءة حمزة ومجاهد، مع أنهما كانا من أكابر علماء السلف في علم القرآن ".
وقرأ عبد الله أيضاً " والأرحامُ " رفعاً على الابتداء، والخبرُ محذوف فقدَّرَهُ ابن عطية : أهلٌ أنْ توصل، وقَدَّرَهُ الزمخشري :" والأرحام مِمَّا يتقي " أو " مما يتساءل به ".
وهذا أحسنُ للدلالة اللفظية، والمعنوية، بخلاف الأول فإنَّه للدلالة المعنوية فقط، وقَدَّرَهُ أبو البقاء : والأرحام محترمة، أي : واجبٌ حرمتها.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾.


الصفحة التالية
Icon