وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا فاتهمه فإن الرب تعالى شكور يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول والقصد : أن السرور بالله وقربه وقرة العين به تبعث على الازدياد من طاعته وتحث على الجد في السير إليه قال : الدرجة الثانية مراقبة نظر الحق إليك برفض المعارضة بالإعراض عن الاعتراض ونقض رعونة التعرض هذه مراقبة لمراقبة الله لك فهي مراقبة لصفة خاصة معينة وهي توجب صيانة الباطن والظاهر فصيانة الظاهر : بحفظ الحركات الظاهرة وصيانة الباطن : بحفظ الخواطر والإرادات والحركات الباطنة التي منها رفض معارضة أمره وخبره فيتجرد الباطن من كل شهوة وإرادة تعارض أمره ومن كل إرادة تعارض إرادته ومن كل شبهة تعارض خبره ومن كل محبة تزاحم محبته وهذه حقيقة القلب السليم الذي لا ينجو إلا من أتى الله به وهذا هو حقيقة تجريد الأبرار المقربين العارفين وكل تجريد سوى هذا فناقص وهذا تجريد أرباب العزائم
ثم بين الشيخ سبب المعارضة وبماذا يرفضها العبد فقال بالإعراض عن الاعتراض فإن المعارضة تتولد من الاعتراض والاعتراض ثلاثة أنواع سارية في الناس والمعصوم من عصمه الله منها النوع الأول : الاعتراض على أسمائه وصفاته بالشبه الباطلة التي يسميها أربابها قواطع عقلية وهي في الحقيقة خيالات جهلية ومحالات ذهنية اعتراضوا بها على أسمائه وصفاته عز وجل وحكموا بها عليه ونفوا لأجلها ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله وأثبتوا ما نفاه ووالوا بها أعداءه ووعادوا بها أولياءه وحرفوا بها الكلم عن مواضعه ونسوا بها نصيبا كثيرا مما ذكروا به وتقطعوا لها أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون