فصل نفيس
قال الآلوسى
والمراد بإيتاء أموالهم تركها سالمة غير متعرض لها بسوء فهو مجاز مستعمل في لازم معناه لأنها لا تؤتى إلا إذا كانت كذلك، والنكتة في هذا التعبير الإشارة إلى أنه ينبغي أن يكون الغرض من ترك التعرض إيصال الأموال إلى من ذكر لا مجرد ترك التعرض لها، وعلى هذا يصح أن يراد باليتامى الصغار على ما هو المتبادر، والأمر خاص بمن يتولى أمرهم من الأولياء والأوصياء، وشمول حكمه لأولياء من كان بالغاً عند نزول الآية بطريق الدلالة دون العبارة، ويصح أن يراد من جرى عليه اليتم في الجملة مجازاً أعم من أن يكون كذلك عند النزول، أو بالغاً فالأمر شامل لأولياء الفريقين صيغة موجب عليهم ما ذكر من كف الكف عنها، وعدم فك الفك لأكلها، وأما وجوب الدفع إلى الكبار فمستفاد مما سيأتي من الأمر به، وقيل : المراد من الإيتاء الإعطاء بالفعل، واليتامى إما بمعناه اللغوي الأصلي فهو حقيقة وارد على أصل اللغة، وإما مجاز باعتبار ما كان أوثر لقرب العهد بالصغر، والإشارة إلى وجوب المسارعة إلى دفع أموالهم إليهم حتى كأن اسم اليتيم باق بعد غير زائل، وهذا المعنى يسمى في الأصول بإشارة النص، وهو أن يساق الكلام لمعنى ويضمن معنى آخر، وهذا في الكون نظير المشارفة في الأول، وقيل : يجوز أن يراد باليتامى الصغار، ولا مجاز بأن يجعل الحكم مقيدا كأنه قيل : وآتوهم إذا بلغوا، وردّ بأنه قال في "التلويح" : إن المراد من قوله تعالى :﴿ وَءاتُواْ اليتامى أموالهم ﴾ وقت البلوغ باعتبار ما كان، فإن العبرة بحال النسبة لا بحال التكلم، فالورود للبلغ على كل حال.