﴿ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الخبيث بالطيب وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالهم إلى أموالكم ﴾ يقوي ذلك، فهذا كله تأديب للوصي ما دام المال بيده واليتيم في حجره، وأما على سائر الوجوه فيكون مؤدى هذه الآية وما سيأتي بعد كالشيء الواحد من حيث إن فيهما الأمر بالإيتاء حقيقة، ومن قال بذلك جعل الأولى كالمجملة والثانية كالمبينة لشرط الإيتاء من البلوغ وإيناس الرشد، ويرد على آخر الوجوه أيضاً أن فيه تكلفاً لا يخفى، ولا يرد على الوجه الراجح أن ابن أبي حاتم أخرج عن سعيد بن جبير أن رجلاً من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ طلب المال فمنعه عمه فخاصمه إلى النبي ﷺ فنزلت ﴿ وَءاتُواْ اليتامى ﴾ الخ، فإن ذلك يدل على أن المراد بالإيتاء الإعطاء بالفعل لا سيما وقد روى الثعلبي، والواحدي عن مقاتل، والكلبي أن العمّ لما سمعها قال : أطعنا الله تعالى ورسوله ﷺ نعوذ بالله عز وجل من الحوب الكبير لما أنهم قالوا : العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص لسبب، ولعل العمّ لم يفهم الأمر بالإعطاء حقيقة بطريق العبارة بل بشيء آخر فقال ما قال، هذا وتبدل الشيء بالشيء واستبداله به أخذ الأول بدل الثاني بعد أن كان حاصلاً له أو في شرف الحصول يستعملان أبداً بإفضائهما إلى الحاصل بأنفسهما وإلى الزائل بالباء كما في قوله تعالى :﴿ وَمَن يَتَبَدَّلِ الكفر بالإيمان ﴾ [ البقرة : ١٠٨ ] الخ، وقوله سبحانه :﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الذى هُوَ أدنى بالذى هُوَ خَيْرٌ ﴾ [ البقرة : ٦١ ] وأما التبديل فيستعمل تارة كذلك كما في قوله تعالى :﴿ وبدلناهم بجناتهم جَنَّتَيْنِ ﴾ [ سبأ : ١٦ ] الخ، وأخرى بالعكس كما في قولك : بدلت الحلقة بالخاتم إذا أذبتها وجعلتها خاتماً، وبدلت الخاتم بالحلقة إذا أذبته وجعلته حلقة، واقتصر