والمراد بالخبيث والطيب إما الحرام والحلال، والمعنى لا تستبدلوا أموال اليتامى بأموالكم أو لا تذروا أموالكم الحلال وتأكلوا الحرام من أموالهم فالمنهي عنه استبدال مال اليتيم بمال أنفسهم مطلقاً، أو أكل ماله مكان مالهم المحقق أو المقدر، وإلى الأول ذهب الفراء والزجاج، وقيل : المعنى لا تستبدلوا الأمر الخبيث وهو اختزال مال اليتيم بالأمر الطيب وهو حفظ ذلك المال وأياً مّا كان فالتعبير عن ذلك بالخبيث والطيب للتنفير عما أخذوه والترغيب فيما أعطوه وإما الرديء والجيد، ومورد النهي حينئذ ما كان الأوصياء عليه من أخذ الجيد من مال اليتيم وإعطاء الرديء من مال أنفسهم، فقد أخرج ابن جرير عن السدي أنه قال : كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل في مكانها الشاة المهزولة، ويقول : شاة بشاة، ويأخذ الدرهم الجيد ويضع مكانه الزائف، ويقول : درهم بدرهم وإلى هذا ذهب النخعي والزهري وابن المسيب ؛ وتخصيص هذه المعاملة بالنهي لخروجها مخرج العادة لا لإباحة ما عداها فلا مفهوم لانخرام شرطه عنه القائل به.
واعترض هذا بأن المناسب حينئذ التبديل أو تبدل الطيب بالخبيث على ما يقتضيه الكلام السابق.