وأنت تعلم أن السؤال لا يرد ليحتاج إلى الجواب إذا فسر تبدل الخبيث بالطيب باستبدال أموال اليتامى بماله وأكلها مكانه لأنه حينئذ يكون ذلك نهياً عن أكلها وحدها وهذا عن ضمها، وليس الأول مطلقاً حتى يرد سؤال بأنه أي فائدة في هذا بعد ورود النهي المطلق، وفي "الكشف" لو حمل الانتهاء في إلى على أصله على أن النهي عن أكلها مع بقاء مالهم لأن أموالهم جعلت غاية لحصلت المبالغة، والتخلص عن الاعتذار، وظاهر هذا النهي عدم جواز أكل شيء من أموال اليتامى وقد خص من ذلك مقدار أجر المثل عند كون الولي فقيراً، وكون ذلك من مال اليتيم مما لا يكاد يخفى، فالقول بأنه لا حاجة إلى التخصيص لأن ما يأخذه الأولياء من الأجرة فهو ما لهم وليس أكله أكل مالهم مع مالهم لا يخلو عن خفاء. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٨٦ ـ ١٨٨﴾
قوله تعالى ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً﴾
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى عرف الخلق بعد ذلك أن أكل مال اليتيم من جميع الجهات المحرمة إثم عظيم فقال :﴿إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً﴾ قال الواحدي رحمه الله : الكناية تعود إلى الأكل، وذلك لأن قوله :﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ﴾ دل على الأكل والحوب الإثم الكبير.
قال عليه الصلاة والسلام :" إن طلاق أم أيوب لحوب " وكذلك الحوب والحاب ثلاث لغات في الاسم والمصدر قال الفراء : الحوب لأهل الحجاز، والحاب لتميم، ومعناه الإثم قال عليه الصلاة والسلام :" رب تقبل توبتي واغسل حوبتي " قال صاحب "الكشاف" : الحوب والحاب كالقول والقال.
قال القفال : وكأن أصل الكلمة من التحوب وهو التوجع، فالحوب هو ارتكاب ما يتوجع المرتكب منه، وقال البصريون : الحوب بفتح الحاء مصدر، والحوب بالضم الاسم، والحوبة، المرة الواحدة، ثم يدخل بعضها في البعض كالكلام فإنه اسم، ثم يقال : قد كلمته كلاما فيصير مصدرا.
قال صاحب "الكشاف" : قرأ الحسن حوبا، وقرىء : حابا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٣٩﴾


الصفحة التالية
Icon