ونسب ابن الفرس إلى قوم القول بأنّه لا حصر في عدد الزوجات وجعلوا الاقتصار في الآية بمعنى : إلى ما كان من العدد، وتمسّك هذان الفريقان بأنّ النبي ﷺ مات عن تسع نسوة، وهو تمسّك واه، فإنّ تلك خصوصية له، كما دلّ على ذلك الإجماع، وتطلُّب الأدلّة القواطع في انتزاع الأحكام من القرآن تطلّب لما يقف بالمجتهدين في استنباطهم موقف الحيرة، فإنّ مبنى كلام العرب على أساس الفطنة.
ومسلكه هو مسلك اللمحة الدالّة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٧ ـ ١٨﴾

فصل


قال الفخر :
قال أهل التحقيق :﴿فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النساء﴾ لا يتناول العبيد وذلك لأن الخطاب إنما يتناول إنسانا متى طابت له امرأة قدر على نكاحها، والعبد ليس كذلك بدليل أنه لا يتمكن من النكاح إلا باذن مولاه، ويدل عليه القرآن والخبر، أما القرآن فقوله تعالى :﴿ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ على شَىْء﴾ [ النحل : ٧٥ ] فقوله :﴿لاَّ يَقْدِرُ على شَىْء﴾ ينفي كونه مستقلا بالنكاح، وأما الخبر فقوله عليه الصلاة والسلام :" أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر " فثبت بما ذكرناه أن هذه الآية لا يندرج فيها العبد.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : ذهب أكثر الفقهاء إلى أن نكاح الأربع مشروع للأحرار دون العبيد، وقال مالك : يحل للعبد أن يتزوج بالأربع وتمسك بظاهر هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon