وقال رجل لأبي الدرداء رضي الله عنه : أوصني بوصية قال ارحم اليتيم وأدنه منك وأطعمه من طعامك فإني سمعت رسول الله ﷺ أتاه رجل يشتكي قسوة قلبه فقال رسول الله ﷺ إن أردت أن يلين قلبك فأدن اليتيم منك وامسح رأسه وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك. ومما حكي عن بعض السلف قال كنت في بداية أمري مكباً على المعاصي وشرب الخمر فظفرت يوماً بصبي يتيم فقير فأخذته وأحسنت أليه وأطعمته وكسوته وأدخلته الحمام وأزلت شعثه وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر فبت ليلة بعد ذلك فرأيت في النوم أن القيامة قامت ودعيت إلى الحساب وأمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار وأنا بين أيديهم حقير ذليل يجروني سحباً إلى النار وإذا بذلك اليتيم قد اعترضني بالطريق وقال : خلوا عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع له إلى ربي فإنه قد أحسن إلي وأكرمني. فقالت الملائكة : إنا لم نؤمر بذلك وإذا النداء من قبل الله تعالى يقول : خلوا عنه فقد وهبت له ما كان منه بشفاعة اليتيم وإحسانه إليه. قال : فاستيقظت وتبت إلى الله عز وجل وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام. ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله ﷺ : خير البيوت بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر البيوت بيت فيه يتيم يساء إليه وأحب عباد الله إلى الله تعالى من اصطنع صنعاً إلى يتيم أو أرملة. وروي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام يا داود كن لليتيم كالأب الرحيم وكن للأرملة كالزوج الشفيق واعلم كما تزرع كذا تحصد معناه أنك كما تفعل كذلك يفعل معك أي لا بد أن تموت ويبقى لك ولد يتيم أو امرأة أرملة. وقال داود عليه السلام في مناجاته : إلهي ما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء وجهك ؟ قال :
جزاؤه أن أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي معناه ظل عرشي يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon