وههنا بحث وهو أن قوله :﴿فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾ يتناول ما إذ كان المهر عينا، أما إذا كان دينا فالآية غير متناولة له، فإنه لا يقال لما في الذمة : كله هنيئاً مريئاً.
قلنا : المراد بقوله :﴿فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾ ليس نفس الأكل، بل المراد منه حل التصرفات، وإنما خص الأكل بالذكر لأن معظم المقصود من المال إنما هو الأكل، ونظيره قوله تعالى :﴿إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً﴾ [ النساء : ١٠ ] وقال :﴿لاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُمْ بالباطل﴾ [ البقرة : ١٨٨ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٤٩﴾

فصل


قال الفخر :
قال بعض العلماء : إن وهبت ثم طلبت بعد الهبة علم أنها لم تطب عنه نفساً، وعن الشعبي : أن امرأة جاءت مع زوجها شريحا في عطية أعطتها إياه وهي تطلب الرجوع فقال شريح : رد عليها، فقال الرجل أليس قد قال الله تعالى :﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْء﴾ فقال : لو طابت نفسها عنه لما رجعت فيه.
وروي عنه أيضا : أقيلها فيما وهبت ولا أقيله لأنهن يخدعن، وحكي أن رجلا من آل أبي معيط أعطته امرأته ألف دينار صداقا كان لها عليه، فلبث شهرا ثم طلقها، فخاصمته إلى عبد الملك بن مروان، فقال الرجل : أعطتني طيبة به نفسها، فقال عبد الملك : فإن الآية التي بعدها ﴿فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ اردد عليها.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه كتب إلى قضاته : إن النساء يعطين رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطته ثم أرادت أن ترجع فذلك لها، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon