الأول : أن هذا الكلام لازم على ابن عباس، لأنه تعالى قال :﴿وَإِن كَانَتْ واحدة فَلَهَا النصف﴾ فجعل حصول النصف مشروطاً بكونها واحدة، وذلك ينفي حصول النصف نصيباً للبنتين، فثبت أن هذا الكلام إن صح فهو يبطل قوله.
الثاني : أنا لا نسلم أن كلمة "إن" تدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف ؛ ويدل عليه أنه لو كان الأمر كذلك لزم التناقض بين هاتين الآيتين، لأن الإجماع دل على أن نصيب الثنتين إما النصف، وإما الثلثان، وبتقدير أن يكون كلمة "إن" للاشتراط وجب القول بفسادهما، فثبت أن القول بكلمة الاشتراط يفضي إلى الباطل فكان باطلا، ولأنه تعالى قال :﴿وَإِن لَّمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فرهان مَّقْبُوضَةٌ﴾ [ البقرة : ٢٨٣ ] وقال :﴿فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم﴾ [ النساء : ١٠١ ]، ولا يمكن أن يفيد معنى الاشتراط في هذه الآيات.
الوجه الثالث : في الجواب : هو أن في الآية تقديما وتأخيرا، والتقدير : فإن كن نساء اثنتين فما فوقهما فلهن الثلثان، فهذا هو الجواب عن حجة ابن عباس، وأما سائر الأمة فقد أجمعوا على أن فرض البنتين الثلثان، قالوا : وإنما عرفنا ذلك بوجوه : الأول : قال أبو مسلم الأصفهاني : عرفناه من قوله تعالى :﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين﴾ وذلك لأن من مات وخلف ابنا وبنتا فههنا يجب أن يكون نصيب الابن الثلثين لقوله تعالى :﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين﴾ فإذا كان نصيب الذكر مثل نصيب الأنثيين، ونصيب الذكر ههنا هو الثلثان، وجب لا محالة أن يكون نصيب الابنتين الثلثين،