واعلم أن هذا البحث الذي ذكرناه في أن الابن هل يتناول أولاد الابن قائم في أن لفظ الأب والأم هل يتناول الأجداد والجدات ؟ ولا شك أن ذلك واقع بدليل قوله تعالى :﴿نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق﴾ [ البقرة : ١٣٣ ] والأظهر أنه ليس على سبيل الحقيقة، فإن الصحابة اتفقوا على أنه ليس للجد حكم مذكور في القرآن، ولو كان اسم الأب يتناول الجد على سبيل الحقيقة لما صح ذلك والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦٩﴾

فصل


قال القرطبى :
قال ابن المنذر : لما قال تعالى :﴿ يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ ﴾ فكان الذي يجب على ظاهر الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد، المؤمِن منهم والكافر ؛ فلما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال :" لا يرث المسلم الكافر "
عُلِم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض، فلا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ على ظاهر الحديث.
قلت : ولما قال تعالى :﴿ في أَوْلاَدِكُمْ ﴾ دخل فيهم الأسير في أيدي الكفار ؛ فإنه يرث ما دام تُعلم حياته على الإسلام.
وبه قال كافّة أهل العلم، إلا النخعِيّ فإنه قال : لا يرث الأسير.
فأما إذا لم تعلم حياته فحكمه حكم المفقود.
ولم يدخل في عموم الآية ميراث النبيّ ﷺ لقوله :" لا نورث ما تركنا صدقةٌ " وسيأتي بيانه في "مريم" إن شاء الله تعالى.
وكذلك لم يدخل القاتل عمداً لأبيه أو جدّه أو أخيه أو عمِّه بالسنة وإجماع الأُمة، وأنه لا يرِث مِن مال من قتله ولا من ديته شيئاً ؛ على ما تقدّم بيانه في البقرة.
فإن قتله خطأ فلا ميراث له من الدّية، ويرث من المال في قول مالك، ولا يرث في قول الشافعيّ وأحمد وسفيان وأصحابِ الرأي، من المال ولا من الدّية شيئاً ؛ حسبما تقدّم بيانه في البقرة.


الصفحة التالية
Icon