وجملة :﴿ للذكر مثل حظ الأنثيين ﴾ بيان لجملة ﴿ يوصيكم ﴾ لأنّ مضمونها هو معنى مضمون الوصية، فهي مثل البيان في قوله تعالى :﴿ فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم ﴾ وتقديم الخبر على المبتدأ في هذه الجملة للتنبيه من أوّل الأمر على أنّ الذكر صار له شريك في الإرث وهو الأنثى لأنّه لم يكن لهم به عهد من قبل إذ كان الذكور يأخذون المال الموروث كلّه ولاحظّ للإناث، كما تقدّم آنفاً في تفسير قوله تعالى :﴿ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ﴾ [ النساء : ٧ ].
وقوله :﴿ للذكر مثل حظ الأنثيين ﴾ جعل حظّ الأنثيين هو المقدار الذي يقدّر به حظّ الذكر، ولم يكن قد تقدّم تعيين حظّ للأنثيين حتّى يقدّر به، فعُلم أنّ المراد تضعيف حظّ الذكر من الأولاد على حظّ الأنثى منهم، وقد كان هذا المراد صالحاً لأن يؤدّى بنحو : للأنثى نصف حظّ ذكر، أو للأنثيين مثلّ حظّ ذكر، إذ ليس المقصود إلاّ بيان المضاعفة.
ولكن قد أوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي الإيماء إلى أن حظّ الأنثى صار في اعتبار الشرع أهَمّ من حظّ الذكر، إذ كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية فصار الإسلام ينادي بحظّها في أول ما يقرع الأسماع قد عُلم أنّ قسمة المال تكون باعتبار عدد البنين والبنات. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٤٥ ـ ٤٦﴾


الصفحة التالية
Icon