فما لكم تنكرونه علينا ؟ فَجعْلهُم الربا أصلاً انسلاخ مما أودعه الله في نور العقل وحكم الشرع وسلامة الطبع من الحكمة ؛ والبيع كما عرفه الفقهاء نقل ملك بثمن.
وقال الحرالي : هو رغبة المالك عما في يده إلى ما في يد غيره،
والشراء رغبة المستملك فيما في يد غيره بمعاوضة بما في يده مما رغب عنه،
فلذلك كل شار بائع ﴿وأحل﴾ أي والحال أنه أحل ﴿الله﴾ الذي له تمام العظمة المقتضية للعدل ﴿البيع﴾ أي لما فيه من عدل الانتفاع،
لأنه معاوضة على سبيل النصفة للتراضي من الجانبين،
لأن الغبن فيه غير محقق على واحد منهما،
لأن من اشترى ما يساوي درهماً بدرهمين يمكن أن يبيعه بعد ذلك لرواجه أو وجود راغب فيه لأمر دعاه إليه بثلاثة ﴿وحرم الربا﴾ لما فيه من اختصاص أحد المتعاملين بالضرر والغبن والآخر بالاستئثار على وجه التحقيق،
فإن من أخذ درهماً بدرهمين لا يرجى خير ما فاته من ذلك الوجه أصلاً،
وكذلك ربا المضاعفة وهو ما إذا طلب دينه فكان الغريم معسراً فألزمه بالدفع أو الزيادة في الدين فإنه ليس في مقابلة هذا الزائد شيء ينتفع به المدين.
قال الحرالي : فيقع الإيثار قهراً وذلك الجور الذي يقابله العدل الذي غايته الفضل، فأجور الجور في الأموال الربا،
وأجور الجور في الربا الربا كالذي يقتل بقتيل قتيلين،
وكل من طفف في ميزان فتطفيفه ربا بوجه ما ؛ ولذلك تعددت أبواب الربا وتكثرت ؛ قال قال ﷺ :" الربا بضع وسبعون باباً،
والشرك مثل ذلك وهذا رأسه " وهو ما كانت تتعامل به أهل الجاهلية،
من قولهم : إما أن تربي وإما أن تقضي،
ثم لحق به سائر أبوابه،
فهو انتفاع للمربي وتضرر للذي يعطي الربا،