أحدهما : أنه لمَّا تعارض ما في الآية من إحلال البيع وتحريم الربا وهو بيع صارت بهذا التعارض مجملة وكان إجمالها منها.
والثاني : أن إجمالها بغيرها لأن السنّة منعت من بيوع وأجازت بيوعاً فصارت بالسنة مجملة.
وإذا صح إجمالها فقد اختلف فيه :
هل هو إجمال في المعنى دون اللفظ، لأن لفظ البيع معلوم في اللغة وإنما الشرع أجمل المعنى والحكم حين أحل بيعاً وحرّم بيعاً.
والوجه الثاني : أن الإجمال في لفظها ومعناها، لأنه لما عدل بالبيع عن إطلاقه على ما استقر عليه في الشرع فاللفظ والمعنى محتملان معاً، فهذا شرح القول الثاني.
والقول الثالث : أنها داخلة في العموم والمجمل، فيكون عموماً دخله التخصيص، ومجملاً لحقه التفسير، لاحتمال عمومها في اللفظ وإجمالها في المعنى، فيكون اللفظ عموماً دخله التخصيص، والمعنى مجملاً لحقه التفسير.
والوجه الثاني : أن عمومها في أول الآية من قوله :﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، وإجمالها في آخرها من قوله :﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، فيكون أولها عاماً دخله التخصيص، وآخرها مجملاً لحقه التفسير.
والوجه الثالث : أن اللفظ كان مجملاً، فلما بَيَّنَهُ الرسول صار عاماً، فيكون داخلاً في المجمل قبل البيان، في العموم بعد البيان. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٤٨ ـ ٣٥٠﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَأَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الربا﴾ هذا من عموم القرآن، والألف واللام للجنس لا للعهد إذ لم يتقدّم بيع مذكور يُرجع إليه ؛ كما قال تعالى :﴿والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ﴾ ثم استثنى ﴿إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ [ العصر : ٢ ].
وإذا ثبت أن البيع عام فهو مخصّص بما ذكرناه من الربا وغير ذلك مما نُهي عنه ومنع العقد عليه ؛ كالخمر والميتة وحبلَ الحَبَلة وغير ذلك مما هو ثابت في السُّنُّة وإجماع الأُمة النَّهيُ عنه.


الصفحة التالية
Icon