يعني بطعامها الفريسة، قالوا : والنَّبي ﷺ علق في هذا الحديث الربا على اسم الطعام، والحكم إذا علق على اسم مشتق دل على أنه علته، كالقطع في السرقة في قوله :﴿والسارق والسارقة﴾ [ المائدة : ٣٨ ] الآية قالوا : ولأن الحب ما دام مطعوماً يحرم فيه الربا. فإذا زرع وخرج عن أن يكون مطعوماً لم يحرم فيه الربا، فإذا انعقد الحب وصار مطعوماً حرم فيه الربا، فدل على أن العلة فيه كونه مطعوماً، ولذا كان الماء يحرم فيه الربا على أحد الوجهين عند الشافعية. لأن الله تعالى قال :﴿إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مني﴾ [ البقرة : ٢٤٩ ] ولقول عائشة المتقدم ما لنا طعام إلا الأسودان الماء والتمر، ولقول الشاعر :
فإن شئت حرمت النساء سواكم... وإن شئت لم أطعم نقاخاً ولا بردا
والنقاخ الماء البارد، هذا هو حجة الشافعية في أن علة الربا في الأربعة الطعم فألحقوا بها كل مطعوم للعلة الجامعة بينهما.
قال : مقيده - عفا الله عنه - الاستدلال بحديث معمر المذكور على أن علة الربا الطعم لا يخلو عندي من نظر، والله تعالى أعلم. لأن معمراً المذكور لما قال : قد كنت أسمع النَّبي ﷺ يقول :" الطعام بالطعام مثلاً بمثل " قال عقبة : وكان طعامنا يومئذ الشعير كما رواه عنه أحمد ومسلم، وهذا صريح في أن الطعام في عرفهم يومئذ الشعير، وقد تقرر في الأصول أن العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام، وعقده في مراقي السعود بقوله : في مبحث المخصص المنفصل عاطفاً على ما يخصص العموم :
والعرف حيث قارن الخطابا... ودع ضمير البعض والأسبابا


الصفحة التالية
Icon