واستدلوا أيضاً بما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة أن رسول الله ﷺ استعمل رجلاً على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال :" أكل تمر خيبر هكذا " قال : إنا لنأخذ الصّاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال لا تفعل، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً، وقال : في الميزان مثل ذلك، ووجه الدلالة منه، أن قوله في الميزان، يعني في الموزون. لأن نفس الميزان ليست من أموال الربا، واستدلوا أيضاً بحديث أبي سعيد المتقدم الذي أخرجه الحاكم من طريق حيان بن عبيد الله، فإن فيه أن النَّبي ﷺ قال :" التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، والفضة بالفضة، يداً بيد، عيناً بعين، مثلاً بمثل، فمن زاد فهو رباً " ثم قال :" وكذلك ما يكال أو يوزن أيضاً " وأجيب من جهة المانعين، بأن حديث الدارقطني لم يثبت، وكذلك حديث الحاكم، وقد بينا سابقاً ما يدل على ثبوت حديث حيان المذكور، وقد ذكرنا آنفاً كلام الشوكاني في أن حديث الدارقطني أخرجه البزار أيضاً وأنه يشهد لصحته حديث عبادة بن الصامت وغيره من الأحاديث، وأن الربيع بن صبيح وثقه أبو زرعة وغيره، وضعفه جماعة، وقال : فيه ابن حجر في التقريب صدوق سيء الحفظ، وكان عابداً مجاهداً، ومراد الشوكاني بحديث عبادة المذكور، هو ما أخرجه عنه مسلم والإمام أحمد والنسائي وابن ماجه وأبو داود. أن النَّبي ﷺ قال :" الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم " اه فإن قوله ﷺ :" سواء بسواء، مثلاً بمثل " يدل على الضبط بالكيل والوزن، وهذا القول أظهرها دليلاً.