قال الحافظ : والجواب المسدد عندي أن هذا الاختلاف لا يوجب ضعفاً بل المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، وأما جنسها وقدر ثمنها فلا يتعلق به في هذه الحال ما يوجب الحكم بالاضطراب.
وحينئذ ينبغي الترجيح بين رواتها وإن كان الجميع ثقاة فيحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم فتكون رواية الباقين بالنسبة إليه شاذة، وبعض هذه الروايات التي ذكرها الطبراني في صحيح مسلم وسنن أبي داود اه منه بلفظه. وقد قدمنا بعض روايات مسلم.
الفرع الرابع : لا يجوز بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بجنسه بأكثر من وزنه، ودليل ذلك : ما صح عن جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ أنه ﷺ صرح بتحريم بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، وأن من زاد أو استزاد فقد أربى.
وقد أخرج البيهقي في السنن الكبرى عن مجاهد أنه قال : كنت أطوف مع عبد الله بن عمر فجاءه صائغ فقال : يا أبا عبد الرحمن، إني أصوغ الذهب ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه، فأستفضل في ذلك قدر عمل يدي فيه، فنهاه عبد الله بن عمر عن ذلك، فجعل الصائغ يردد عليه المسألة وعبد الله بن عمر ينهاه حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابته يريد أن يركبها.
ثم قال عبد الله بن عمر : الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما هذا عهد نبينا ﷺ إلينا وعهدنا إليكم.
ثم قال البيهقي : وقد مضى حديث معاوية حيث باع سقاية ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فنهاه أبو الدرداء وما روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في النهي عن ذلك.
روى البيهقي أيضاً عن أبي رافع أنه قال : قلت لعمر بن الخطاب إني أصوغ الذهب فأبيعه بوزنه وآخذ لعمالة يدي أجراً قال : لا تبع الذهب بالذهب إلا وزناً بوزن ولا الفضة بالفضة إلا وزناً بوزن ولا تأخذ فضلاً اه منه.